@ 264 @ وهذه التي سئلتُ عنها فيها بيان بطلان شبه يحتج بها بعض أهل النفاق والريب في زماننا ؛ وهذا في قضيتنا هذه ، وبيان ذلك أن هذه في آخر قصة آدم وإبليس ، وفيها من العبر والفوائد العظيمة لذريتهما ما يجل عن الوصف ، فمن ذلك أن الله أمر إبليس بالسجود لآدم ولو فعل لكان فيه طاعة لربه وشرف له ؛ ولكن سوَّلت له نفسه أن ذلك نقص في حقه إذا خضع لواحد دونه في السن ودونه في الأصل على زعمه ، فلم يطع الأمر واحتج على فعله بحجة ؛ وهي أن الله خلقه من أَصْلٍ خير من أصل آدم ولا ينبغي أن الشريف يخضع لمن دونه ، بل العكس ، فعارض النص الصريح بفعل الله الذي هو الخلق فكان في هذا عبرة عظيمة لمن رد شيئاً من أمر الله ورسوله ، واحتج بما لا يجدي ، فلما فعل لم يعذره الله بهذا التأويل ؛ بل طرده ورفع آدم وأسكنه الجنة ، وكان مع عدو الله من الحذق والفطنة ودقة المعرفة ما يجل عن الوصف ؛ فتحيّل على آدم حتى ترك شيئاً من أمر الله ، وذلك بالأكل من الشجرة ، واحتج لآدم بحجج ، فلما أكل لم يعذره الله بتلك الحجج ، بل أهبطه إلى الأرض وأجلاه عن وطنه . | ثم قال : ! 2 < اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى > 2 ! يقول تعالى : لمّا أجليتكم عن وطنكم فإن بعد هذا الكلام وهو