و أما ما وقع في طبقات ابن السبكي الكبرى عن بعض المتأخرين من تفضيل الحسنين من حيث إنهما بضعة فلا ينافي ذلك لما قدمناه من أن المفضول قد توجد فيه مزية ليست في الفاضل على أن هذا تفضيل لا يرجع لكثرة الثواب بل لمزيد شرف ففي ذات أولاده من الشرف ما ليس في ذات الشيخين ولكنهما أكثر ثوابا وأعظم نفعا للإسلام والمسلمين وأخشى لله وأتقى ممن عداهما من أولاده فضلا عن غيرهم وأما ما حكاه أعني ابن عبد البر ثانيا عن أولئك الجماعة فلا يقتضي أنهم قائلون بأفضلية علي على أبي بكر مطلقا بل إما من حيث تقدمه عليه إسلاما بناء على القول بذلك أو مرادهم بتفضيل علي على غيره ما عدا الشيخين وعثمان لقيام الأدلة الصريحة الصحيحة على أفضلية هؤلاء عليه .
فإن قلت ما مستند إجماعهم على ذلك .
قلت الإجماع حجة على كل أحد وإن لم يعرف مستنده لأن الله عصم هذه الأمة من أن تجتمع على ضلالة ويدل لذلك بل يصرح به قوله تعالى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا النساء 115 وقد أجمعوا أيضا على استحقاقهم الخلافة على هذا الترتيب لكن هذا قطعي كما مر بأدلته مبسوطا .
فإن قلت لم لم يكن التفضيل بينهم على هذا الترتيب قطعيا أيضا حتى عند غير الأشعري للإجماع عليه قلت أما بين عثمان وعلي فواضح للخلاف فيه كما تقدم وأما بين أبي بكر ثم عمر ثم غيرهما فهو وإن أجمعوا عليه إلا أن في كون