وكذلك الذاكرة وسرعة ظهوره وانتشار رايته واستجلاب ثنائه في الجهات كلها وبالجملة جميع ما ذكرت هو فيه خارق للعادة البشرية ومعجز لمعارضه من كل الجهات ولولا خوف التطويل لكنت أفصل كل صفة ذكرت فيه بالكلام الصناعي ونقيم الأدلة القطعية على تعجيزها ولكن أعطيت الأنموذج وعرفت أن النبيه يمعن فكره ويجد ذلك كما قلته .
وبالجملة جميع جزئياته إذا تؤملت توجد خارقة للعادة وتشهد لها ماهية الوجود بالتخصيص فصح أنه هو المشار إليه والمعول في جملة الأمور عليه وإنما أعطيت الأمر المشهور وتركت ما يعلم منه من خرق العوائد في ظهور الطعام والشراب والسمن والتمر وأخذ الدراهم من الكون وإخباره عن وقائع قبل وقوعها بسنين كثيرة وظهرت كما أخبر فصح أنه هو المذكور انتهى ما تعلق به الغرض مما في الرسالة في شأن الشيخ ابن سبعين وقد ذكر غير واحد من المؤرخين - ومنهم لسان الدين بن الخطيب في الإحاطة كما سيأتي قريبا - أن ابن سبعين عاقه الخوف من أمير المدينة عن القدوم إليها فعظم عليه بذلك الحمل وقبحت الأحدوثة عنه انتهى لكن قال شهاب الدين بن أبي حجلة التلمساني الأديب الشهير وهو صاحب كتاب السكردان وديوان الصبابة ومنطق الطير والاعتراض على العارف بالله تعالى ابن الفارض ما معناه أخبرني الشيخ الصالح أبو الحسن بن برغوش التلمساني شيخ المجاورين بمكة وكانت له معرفة تامة بهذا الرجل أنه صده عن زيارة رسول الله أنه كان إذا قرب من باب من أبواب مسجد المدينة على ساكنها الصلاة والسلام يهرق منه دم كدم الحيض والله تعالى أعلم بحقيقة أمره انتهى وقال غيره نعم زار النبي مستخفيا على طريق المشاة حدث بذلك أصهاره بمكة انتهى