قال القاضي الشمس ابن خلكان إنه رحل من الأندلس في عنفوان شبابه وقدم مصر فسمع بالإسكندرية أبا عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي وبمصر أبا صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المدني المصري وأبا طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بالسلفي وغيرهم ودخل بغداد سنة 517 وقرأ بها القرآن الكريم على الشيخ أبي محمد عبد الله بن علي المقرىء المعروف بابن بنت الشيخ أبي منصور الخياط وسمع عليه كتبا كثيرة منها كتاب سيبويه وقرأ الحديث على أبي بكر محمد بن عبد الباقي البزار المعروف بقاضي المارستان وأبي القاسم بن الحصين وأبي العز وغيرهم وكان دينا ورعا عليه وقار وسكينة وكان ثقة صدوقا ثبتا نبيلا قليل الكلام كثير الخير مفيدا أقام بدمشق مدة واستوطن الموصل ورحل منها إلى أصبهان ثم عاد إلى الموصل وأخذ عنه شيوخ ذلك العصر وذكره الحافظ ابن السمعاني في كتاب الذيل وقال إنه اجتمع به بدمشق وسمع عنه مشيخة أبي عبد الله الرازي وانتخب عليه أجزاء وسأله عن مولده فقال ولدت سنة 486 في مدينة قرطبة ورأيت في بعض الكتب أن مولده سنة 487 والأول أصح وكان شيخنا القاضي بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم المعروف بابن شداد قاضي حلب C تعالى يفتخر بروايته وقراءته عليه وقال كنا نقرأ عليه بالموصل ونأخذ عنه وكنا نرى رجلا يأتي إليه كل يوم فيسلم عليه وهو قائم ثم يمد يده إلى الشيخ بشيء ملفوف فيأخذه الشيخ من يده ولا نعلم ما هو ويتركه ذلك الرجل ويذهب ثم تقفينا ذلك فعلمنا أنها دجاجة مسموطة كانت ترسم للشيخ في كل يوم يبتاعها له ذلك الرجل ويسمطها ويحضرها وإذا دخل الشيخ إلى منزله تولى طبخها بيده