زرقون في جمع كبير وببغداد من أبي الفرج بن الجوزي وبأصبهان من أبي جعفر الصيدلاني معجم الطبراني ومن غيره وبنيسابور من أبي سعيد بن الصفار ومنصور بن الفراوي والمؤيد الطوسي وحصل الكتب والأصول وحدث وأفاد وكان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء متقنا لعلم الحديث وما يتعلق به عارفا بالنحو واللغة وأيام العرب وأشعارها وصنف كتبا كثيرة مفيدة جدا منها كتاب التنوير في مولد السراج المنير صنفه عند قدومه إلى إربل سنة أربعة وستمائة وهو متوجه إلى خراسان لما رأى ملك إربل مظفر الدين كوكبري معتنيا بعمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول كل عام مهتما به غاية الاهتمام وكمله وقرأه عليه بنفسه وختمه بقصيدة طويلة فأجازه بألف دينار وصنف أيضا العلم المشهور في فضائل الأيام والشهور و الآيات البينات في ذكر ما في أعضاء رسول الله من المعجزات وكتاب شرح أسماء النبي وكتاب النبراس في أخبار خلفاء بني العباس وكتاب الإعلام المبين في المفاضلة بين أهل صفين وولي قضاء بلد أصوله دانية مرتين ثم صرف عن ذلك لسيرة نعيت عليه فرحل عنها وحدث بتونس سنة 595 ثم حج وكتب بالمشرق عن جماعة بأصبهان ونيسابور وعاد إلى مصر فاستأدبه العادل لولده الكامل وأسكنه القاهرة فنال بذلك دنيا عريضة ثم زادت حظوته عند الكامل وأقبل عليه إقبالا عظيما وكان يعظمه ويحترمه ويعتقد فيه الخير ويتبرك به حتى كان يسوي له المداس حين يقوم وهو بلنسي كما قاله ابن خلكان وغيره وبلنسية مشهورة بشرق الأندلس .
56 - ومنهم خلف بن القاسم بن سهل بن الدباغ الحافظ الأندلسي رحل إلى المشرق وكان حافظا فهما عارفا بالرجال حدث حديث مالك وشعبة وأشياء في الزهد وسمع بمصر أبا الحسن بن الورد البغدادي ومسلم بن الفضل والحسن بن رشيق وجماعة وسمع بدمشق علي بن أبي العقب وأبا الميمون بن راشد وبمكة من بكير الحداد وأبي الحسن الخزاعي والأجري وبقرطبة من أحمد بن يحيى بن الشاهد ومحمد بن معاوية وتوفي سنة 393 .
57 - ومنهم خلف بن سعيد بن عبد الله بن زرارة أبو القاسم بن المرابط الكلبي من ذرية الأبرش الكلبي ويعرف بالمبرقع المحتسب القرطبي رحل إلى المشرق مرتين أولاهما سنة 332 وهو ابن ثلاث وعشرين سنة وسمع أبا سعيد بن الأعرابي وابن الورد وأبا بكر الآجري وروى عنه أبو إسحاق بن شنظير وأبو جعفر الزهراوي وقال ابن شنظير إنه توفي في نحو الأربعمائة C تعالى ورضي عنه .
58 - ومنهم سابق فضلاء زمانه أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الإشبيلي يقال إن عمره ستون سنة منها عشرون في بلده إشبيلية وعشرون في إفريقية عند ملوكها الصنهاجيين وعشرون في مصر محبوسا في خزانة الكتب وكان وجهه صاحب المهدية إلى ملك مصر فسجن بها طول تلك المدة في خزانة الكتب فخرج في فنون العلم إماما وأمتن علومه الفلسفة والطب والتلحين