صاحب البشكنس فوالى في إكرامه وتناهى في بره واحترامه فطالت مدته فلا متنزه إلا مر عليه متفرجا ولا منزل إلا سار عليه معرجا فحل في ذلك أكثر الكنائس هنالك فبينا هو يجول في ساحتها ويجيل العين في مساحتها إذ عرضت له امرأة قديمة الأسر قويمة على طول الكسر فكلمته وعرفته بنفسها وأعلمته وقالت له أيرضى المنصور أن ينسى بتنعمه بوسها ويتمتع بلبوس العافية وقد نضت لبوسها وزعمت أن لها عدة سنين بتلك الكنيسة محبسة وبكل ذل وصغار ملبسة وناشدته الله في إنهاء قصتها وإبراء غصتها واستحلفته بأغلظ الأيمان وأخذت عليه في ذلك اوكد مواثيق الرحمن فلما وصل إلى المنصور عرفه بما يجب تعريفه به وإعلامه وهو مصغ إليه حتى تم كلامه فلما فرغ قال له المنصور هل وقفت هناك على أمر أنكرته أم لم تقف على غير ما ذكرته فأعلمه بقصة المراة وما خرجت عنه إليه وبالمواثيق التي أخذت عليه فعتبه ولامه على أن لم يبدأ بها كلامه ثم أخذ للجهاد من فوره وعرض من من الأجناد في نجده وغوره وأصبح غازيا على سرجه مباهيا مروان يوم مرجه حتى وافى ابن شانجة في جمعه فأخذت مهابته ببصره وسمعه فبادر بالكتاب إليه يتعرف ما الجلية ويحلف له بأعظم ألية أنه ما جنى ذنبا ولا جفا عن مضجع الطاعة جنبا فعنف أرساله وقال لهم كان قد عاقدني أن لا يبقى ببلاده مأسورة وما مأسور ولو حملته في حواصلها النسور وقد بلغني بعد بقاء فلانة المسلمة في تلك الكنيسة ووالله لا أنتهي عن أرضه حتى أكتسحها فأرسل إليه المرأة في اثنتين معها وأقسم أنه ما أبصرهن ولا سمع بهن وأعلمه أن الكنيسة التي أشار بعلمها فد بالغ في هدمها تحقيقا لقوله وتضرع إليه في الأخذ فيه بطوله فاستحيا منه وصرف الجيش عنه وأوصل المرأة إلى نفسه وألحف توحشها بأنسه وغير من حالها وعاد بسواكب نعماه على جدبها وإمحالها