إلا ذكر أسماء الدواوين لا غير وأقام للعلم والعلماء سوقا نافقة جلبت إليها بضائعه من كل قطر ووفد على أبيه أبو علي القالي صاحب كتاب الأمالي من بغداد فأكرم مثواه وحسنت منزلته عنده وأورث أهل الأندلس علمه واختص بالحكم المستنصر واستفاد علمه وكن يبعث في الكتب إلى الأقطار رجالا من التجار ويرسل إليهم الأموال لشرائها حتى جلب منها إلى الأندلس ما لميعهدوه وبعث في كتاب الأغاني إلى مصنفه أبي الفرج الأصفهاني وكان نسبه في بني امية وأرسل إليه فيه بألف دينار من الذهب العين فبعث إليه بنسخة منه قبل أن يخرجه إلى العراق وكذلك فعل مع القاضي أبي بكر الأبهري المالكي في شرحه لمختصر ابن عبد الحكم وأمثال ذلك وجمع بداره الحذاق في صناعة النسخ والمهرة في الضبط والإجادة في التجليد فأوعى من ذلك كله واجتمعت بالأندلس خزائن من الكتب لم تكن لأحد من قبله ولا من بعده إلا ما يذكر عن الناصر العباسي بن المستضيء ولم تزل هذه الكتب بقصر قرطبة إلى أن بيع أكثرها في حصار البربر وأمر بإخراجها وبيعها الحاجب واضح من موالي المنصور بن أبي عامر ونهب ما بقي منها عند دخول البربر قرطبة واقتحامهم إياها عنوى انتهى كلام ابن خلدون ببعض اختصار .
ولنبسط الكلام على الحكم فنقول إن الحكم المستنصر اعتلى سرير الملك ثاني يوم وفاة أبيه يوم الخميس وقام بأعباء الملك أتم قيام وأنفذ الكتب إلى الآفاق بتمام الأمر له ودعا الناس إلى بيعته واستقبل من يومه النظر في تمهيد سلطانه وتثقيف مملكته وضبط قصوره وترتيب أجناده وأول ما أخذ