سيدي هذا الكتاب وفهمته ولم يكن توقفي لنفسي إنما كان لأمير المؤمنين سيدنا أبقى الله سلطانه لعلمي بمذهبه وسكوني إلى تقواه واقتفائه لأثر سلفه الطيب رضوان الله عليهم فإنهم يستبقون من هذه الطبقة بقية لا يمتهنوها بما يشينها ولا بما يغض منها ويطرق إلى تنقيصها يستعدون بها لدينهم ويتزينون بها عند رعاياهم ومن يفد عليهم من قصادهم فلهذا تخلفت ولعلمي بمذهبه توقفت إن شاء الله تعالى فلما أقرأ الحكم أباه الناصر لدين الله جواب أبي إبراهيم إسحاق أعجبه واستحسن اعتذاره وزال ما بنفسه عليه .
وكان الفقيه أبو إبراهيم المذكور معظما عند الناصر وابنه الحكم وحق لهما أن يعظماه وقد حكى الفقيه أبو القاسم بن مفرج قال كنت أختلف إلى الفقيه أبي إبراهيم C تعالى فيمن يختلف إليه للتفقه والرواية فإني لعنده في بعض الأيام في مجلسه بالمسجد المنسوب لأبي عثمان الذي كان يصلي به قرب داره بجوفي قصر قرطبة ومجلسه حافل بجماعة الطلبة وذلك بين الصلاتين إذ دخل عليه خصي من أصحاب الرسائل جاء من عند الخليفة الحكم فوقف وسلم وقال له يا فقيه أجب أمير المؤمنين أبقاه الله فإن الأمر خرج فيك وها هو اعفقال له سمعا وطاعة لأمير المؤمنين ولا عجلة فارجع إله وعرفه وفقه الله عني أنك وجدتني في بيت منبيوت الله تعالى معي طلاب العلم أسمعهم حديث ابن عمه رسول الله فهم يقيدونه عني وليس يمكنني ترك ما أنا فيه حتى يتم المجلس المعهود لهم في رضا الله وطاعته فذلك أوكد من مسيري إليه الساعة فإذا انقضى أمر من اجتمع إلي من هؤلاء المحتسبين في ذات الله الساعين لمرضاته مشيت إليه إن شاء الله