المسلمين فقعد عن الغزو بنفسه وصار يردد الصوائف في كل سنة فأوطأ عساكر المسلمين من بلاد الإفرنج ما لم يطؤوه قبل في أيام سلفه ومدت إليه أمم النصرانية من وراء الدروب يد الإذعان وأوفدوا عليه رسلهم وهداياهم من رومة والقسطنطينية في سبيل المهادنة والسلم والاعتمال فيما يعن في مرضاته ووصل إلى سدته الملوك من أهل جزيرة الأندلس المتاخمين لبلاد المسلمين بجهات قشتالة وبنبلونة وما ينسب إليها من الثغور الجوفية فقبلوا يده والتمسوا رضاه واحتقبوا جوائزه وامتطوا مراكبه ثم سما إلى ملك العدوة فتناول سبتة قفل الفرضة من أيدي أهلها سنة سبع عشرة وثلاثمائة وأطاعه بنو إدريس أمراء العدوة وملوك زناتة والبربر وأجاز إليه الكثير منهم كما يعلم من أخباره وبدأ أمره أول ولايته بتخفيف المغارم عن الرعايا انتهى كلام ابن خلدون .
وفيه يقول ابن عبد ربه صاحب العقد يوم تولى الملك .
( بدا الهلال جديدا ... والملك غض جديد ) .
( يا نعمة الله زيدي ... إن كان فيك مزيد ) .
( إن كان للصوم فطر ... فأنت للدهر عيد ) .
وأراد بأول الأبيات أنه ولي مستهل ربيع الأول كما علم .
وما أشار إليه ابن خلدون في غزوة الخندق فصله المسعودي فقال بعد أن أجرى ذكر مخالفة أمية بن إسحاق على الناصر ودخوله أرض النصارى ودلالته إياهم على عورات المسلمين ما ملخصه وغزا عبد الرحمن صاحب الأندلس