وكثرت ثورة رؤساء العرب بالأندلس على عبد الرحمن الداخل ونافسوه ملكه ولقي منهم خطوبا عظيمة وكانت العاقبة له واستراب في آخر أمره بالعرب لكثرة من قام عليه منهم فرجع إلى اصطناع القبائل من سواهم واتخاذ الموالي ثم غزا بلاد الإفرنج والبشكنس ومن وراءهم ورجع بالظفر وكان في نيته أن يجدد دولة بني مروان بالمشرق فمات دون ذلك الأمل وكانت مدة ملكه ثلاثا وثلاثين سنة وأربعة أشهر إذ دخل الأندلس سنة ثمان وثلاثين ومائة ومات سنة اثنتين وسبعين وقيل إحدى وسبعين ومائة في خلافة الرشيد وأمه أم ولد بربرية اسمها راح ومولده سنة ثلاث عشرة ومائة بدير حنا من أرض دمشق وقيل بالعلياء من تدمر ومات أبوه في أيام أبيه هشام سنة ثماني عشرة عن إحدى وعشرين سنة وكفله وإخوته جدهم هشام ووهب لعبدالرحمن هذا جميع الأخماس التي اجتمعت للخلفاء بالأندلس واقطعه أياها ووجه لحيازتها من الشام سعيد بن أبي ليلى وقيل إنه لما قصد المغرب من فلسطين خرج معه أربعة بدر مولى أبيه وأبو شجاع وزياد وعمرو وقيل إن بدرا لحقه ولم يخرج معه فالله أعلم وخلف من الولد عشرين منهم أحد عشر رجلا وتسع إناث .
وحكى غير واحد أنه لما هرب من الشام إلى إفريقية قاصدا الأندلس نزل بمغيلة فصار بها عند شيخ من رؤساء البربر يدعى وانسوس ويكنى أبا قرة فاستتر عنده وقتا ولحق به بدر مولى أبيه بجوهر وذهب أنفذته أخته إليه فلما دخل الأندلس واستتب أمره به سار إليه أبو قرة وانسوس البربري فأحسن إليه وحظي عنده وأكرم زوجته تكفات البربرية التي خبأته تحت ثيابها عندما فتشت رسل ابن حبيب بيتها عنه فقال لها عبد الرحمن مداعبا حين استظلت بظله في الأندلس لقد عذبتني بريح إبطيك يا تكفات على ما كان بي من