المداراة ودعاه إلى المصاهرة والسلم فأجابه للسلم ولم تتم المصاهرة .
قال ابن حيان ألفى الداخل الأندلس ثغرا قاصيا غفلا من حلية الملك عاطلا فأرهف أهلها بالطاعة السلطانية وحنكهم بالسيرة الملوكية وأخذهم بالآداب فأكسبهم عما قليل المروءة وأقامهم على الطريقة وبدأ فدون الدواوين ورفع الأواوين وفرض الأعطية وعقد الألوية وجند الأجناد ورفع العماد وأوثق الأوتاد فأقام للملك آلته وأخذ للسلطان عدته فاعترف له بذلك أكابر الملوك وحذروا جانبه وتحاموا حوزته ولم يلبث أن دانت له بلاد الأندلس واستقل له الأمر فيها فلذلك ما ظل عدوه أبو جعفر المنصور بصدق حسه وبعد غوره وسعة إحاطته يسترجح عبد الرحمن كثيرا ويعد له بنفسه ويكثر ذكره ويقول لا تعجبوا لامتداد أمرنا مع طول مراسه وقوة أسبابه فالشأن في أمر فتى قريش الأحوذي الفذ في جميع شؤونه وعدمه لأهله ونشبه وتسليه عن جميع ذلك ببعد مرقى همته ومضاء عزيمته حتى قذف نفسه في لجج المهالك لابتناء مجده فاقتحم جزيرة شاسعة المحل نائية المطمع عصبية الجند ضرب بين جندها بخصوصيته وقمع بعضهم ببعض بقوة حيلته واستمال قلوب رعيتها بقضية سياسته حتى انقاد له عصيهم وذل له أبيهم فاستولى فيها على أريكته ملكا على قطعته قاهرا لأعدائه حاميا لذماره مانعا لحوزته خالطا الرغبة إليه بالرهبة منه إن ذلك لهو الفتى كل الفتى لا يكذب مادحه وجعل ابن حيان من النوادر العجيبة موافقة عبد الرحمن هذا لأبي