لمكان الصميل منه زحف حينئذ عبد الرحمن الداخل وناجزهم الحرب بظاهر قرطبة فانكشف يوسف ونجا إلى غرناطة فتحصن بها واتبعه الأمير عبد الرحمن فنازله ثم رغب إليه يوسف في الصلح فعقد له على أن يسكن قرطبة ثم أقفله معه ثم نقض يوسف عهده وخرج سنة إحدى وأربعين ومائة ولحق بطليطلة واجتمع إليه زهاء عشرين ألفا من البربر وقدم الأمير عبد الرحمن للقائه عبد الملك بن عمر المرواني وكان وفد عليه من المشرق وكان أبوه عمر بن مروان بن الحكم في كفالة أخيه عبد العزيز بن مروان بمصر فلما دخلت المسودة أرض مصر خرج عبد الملك يؤم الأندلس في عشرة رجال من قومه مشهورين بالبأس والنجدة حتى نزل على عبد الرحمن سنة أربعين فعقد له على إشبيلية ولابنه عمر بن عبد الملك على مورور وسار يوسف إليهما وخرجا إليه ولقياه وتناجز الفريقان فكانت الدائرة على يوسف وأبعد المفر واغتاله بعض أصحابه بناحية طليطلة واحتز رأسه وتقدم به إلى الأمير عبد الرحمن فاستقام أمره واستقر بقرطبة وثبت قدمه في الملك وبنى المسجد الجامع والقصر بقرطبة وأنفق فيه ثمانين ألف دينار ومات قبل تمامه وبنى مساجد ووفد عليه جماعة من أهل بيته من المشرق وكان يدعو للمنصور ثم قطع دعوته ومهد الدولة بالأندلس واثل بها الملك العظيم لبني مروان والسلطان العزيز وجدد ما طمس لهم بالمشرق من معالم الخلافة وآثارها واستلحم الثوار عليه على كثرتهم في النواحي وقطع دعوة آل العباس من منابر الأندلس وسد المذاهب منهم دونها وهلك سنة ثنتين وسبعين ومائة وكان يعرف بعبد الرحمن الداخل لأنه أول داخل من ملوك بني مروان إلى الأندلس وكان أو جعفر المنصور