حافظا بلسان القوم ويقال تلمشان وهو أيضا مركب من تلم ومعناه لها وشان أي لها شأن وهي مدينة عريقة في التمدن لذيذة الهواء عذبة الماء كريمة المنبت اقتعدت بسفح جبل ودوين رأسه بسيط اطول من شرق إلى غرب عروسا فوق منصة والشماريخ مشرفة عليها إشراف التاج على الجبين ويطل منها على فحص أفيح معد للفلاحة تشق ظهوره الأسلحة عن مثل أسنمة المهارى وتبقر في بطونه عند تدميث الغمائم بطون العذارى وبها للملك قصور زاهرات اشتملت على المصانع الفائقة والصروح الشاهقة والبساتين الرائقة مما زخرفت عروشه ونمقت غروسه ونوسبت أطواله وعروضه فأزرى الخورنق وأخجل الرصافة وعبث بالسدير وتنصب إليها من عل أنهار من ماء غير آسن تتجاذبه أيدي المذانب والأسراب المكفورة خلالها ثم ترسله بالمساجد والمدارس والسقايات بالقصور وعليه الدور والحمامات فيفعم الصهاريج ويفهق الحياض ويسقي ريعه خارجها مغارس الشجر ومنابت الحب فهي التي سحرت الألباب رواء وأصبت النهى جمالا ووجد المادحون فيها المقال فأطالوا وأطابوا إلى أن قال فأنا أنشد ساكنها قول ابن خفاجة لاستحقاقها إياه عندي .
( ما جنة الخلد إلا في منازلكم ... وهذه كنت لو خيرت أختار )