في شعاب الفتاك متغلغلا في طريق الانتهاك إلى أن وجهه أبوه إلى أمير المسلمين سفيرا عندما بدت له وجوه الفتنة تسفر ومعاهد الهدنة تقفر مع أكامل أصحبهم نقصانه وذوي أديان جعلهم خلصانه يسمعون بوادر بذاذته وينظرون مناكر لذاذته فآلت سفراته إلى الاعتقال وقصرت نخوته ما بين قيد وعقال فجاء كالمهر لا يعرف لجاما وصار حبيس قوم لا يألونه استعجاما وحين شالت نعامته وسالت عليه ظلامته كتب إلى أبيه .
( أبعد السنا والمعالي خمول ... وبعد ركوب المذاكي كبول ) .
( ومن بعد ما كنت حرا عزيزا ... أنا اليوم عبد أسير ذليل ) .
( حللت رسولا بغرناطة ... فحل بها في خطب جليل ) .
( وثقفت إذ جئتها مرسلا ... وقبلي كان يعز الرسول ) .
( فقدت المرية أكرم بها ... فما للوصول إليها سبيل ) .
فراجعه أبوه بقطعة منها .
( عزيز علي ونوحي دليل ... على ما أقاسي ودمعي يسيل ) .
( وقطعت البيض أغمادها ... وشقت بنود وناحت طبول ) .
( لئن كنت يعقوب في حزنه ... ويوسف أنت فصبر جميل ) .
ولم يزل يتحيل في تخلصه وأخذه من يد مقتنصه فسرق وحراسه منه بمكان السلك من النحر وطرق به على ثبج البحر فوافى المرية وقد أخذ البحث عليه آفاق البرية فهنىء المعتصم بخلاصه وبقي مستقرا بعراصه إلى أن أخلوها ومضوا لطلبة ما نووها فنجا أخوه إلى حيث ذكرنا من بلاد الناصر ولجأ هو إلى أحد المرابطين لأذمة كانت بينهما وأواصر وأقام معه سمير لهوه وأمير سهوه إلى أن انقرض أمده وطواه سروره لا كمده فلم ير إلا