( تخلف منى ركب طيبة عانيا ... أما آن للعانى المعنى بأن يفدى ) .
( مخلف سرب قد اصيب جناحه ... وطرن فلم يسطع مراحا ولا مغدى ) .
( نشدتك يا ركب الحجاز تضاءلت ... لك الأرض مهما استعرض السهب وامتدا ) .
( وجم لك المرعى وأذعنت الصوى ... ولم تفتقد ظلا ظليلا ولا وردا ) .
( إذا أنت شافهت الديار بطيبة ... وجئت بها القبر المقدس واللحدا ) .
( وآنست نورا من جناب محمد ... يجلى القلوب الغلف والأعين الرمدا ) .
( فنب عن بعيد الدار فى ذلك الحمى ... وأذر به دمعا وعفر به خدا ) .
( وقل يا رسول الله عبد تقاصرت ... خطاه وأضحى من أحبته فردا ) .
( ولم يستطع من بعد ما بعد المدى ... سوى لوعة تعتاد أو مدحه تهدى ) .
( تداركه يا غوث العباد برحمه ... فجودك ما أجدى وكفك ما أندى ) .
( أجار بك الله العباد من الردى ... وبوأهم ظلا من الأمن ممتدا ) .
( حمى دينك الدنيا وأقطعك الرضى ... وتوجك العليا وألبسك الحمدا ) .
( وطهر منك القلب لما استخصه ... فجلله نورا وأوسعه رشدا ) .
( دعاه فما ولى هداه فما غوى ... سقاه فما يظما جلاه فما يصدا ) .
( تقدمت مختارا تأخرت مبعثا ... فقد شملت علياؤك القبل والبعدا ) .
( وعلة هذا الكون أنت وكل ما ... أعاد فأنت القصد فيه وما أبدا ) .
( وهل هو إلا مظهر أنت سره ... ليمتاز فى الخلق المكب من الأهدى ) .
( ففى عالم الأسرار ذاتك تجتلى ... ملامح نور لاح للطور فانهدا ) .
( وفى عالم الحس اغتديت مبوأ ... لتشفي من استشفى وتهدي من استهدى ) .
( فما كنت لولا أن ثبت هداية ... من الله مثل الخلق رسما ولا حدا ) .
( فماذا عسى يثنى عليك مقصر ... ولم يأل فيك الذكر مدحا ولا حمدا ) .
( بماذا عسى يجزيك هاو على شفا ... من النار قد أوردته بعدها الخلدا ) .
( عليك صلاة الله يا كاشف العمى ... ومذهب ليل الروع وهو قد اربدا )