وأضر ما منيت به التعادى بين عبدانك أو فى بلد من بلدانك فسد فيه الباب واسأل عن الأسباب وانقلهم بوساطة أولى الألباب إلى حالة الأحباب ولا تطوق الأعلام أطواق المنون بهواجس الظنون فهو أمر لا يقف عند حد ولا ينتهى إلى عد واجعل ولدك فى احتراسك حتى لا يطمع فى افتراسك .
ثم لما رأى الليل قد كاد ينتصف وعموده يريد أن ينقصف ومجال الوصايا أكثر مما يصف قال يا أمير المؤمنين بحر السياسة زاخر وعمر المتمتع بناديك مستاخر فإن أذنت فى فن من فنون الأنس يجذب بالمقاد إلى راحة الرقاد ويعتق النفس بقدرة ذى الجلال من ملكه الكلال .
فقال أما وقد استحسنا ما سردت فشأنك وما أردت .
فاستدعى عودا فأصلحه حتى حمده وأبعد فى اختباره امده ثم حرك بمه وأطال الجس ثمه ثم تغنى بصوت يستدعى الإنصات ويصدع الحصاة ويستفز الحليم عن وقاره ويستوقف الطير ورزق بنيه فى منقاره وقال .
( صاح ما أعطر القبول بنمه ... أتراها أطالت اللبث ثمه ) .
( هى دار الهوى منى النفس فيها ... أبد الدهر والأمانى جمه ) .
( إن يكن ما تأرج الجو منها ... واستفاد الشذا وإلا فممه ) .
( من لطرفى بنظرة ولأنفى ... فى رباها وفى ثراها بشمه ) .
( ذكر العهد فانتفضت كأنى ... طرقتنى من الملائك لمه ) .
( وطن قد نضيت فيه شبابا ... لم تدنس منه البرود مذمه ) .
( بنت عنه والنفس من أجل من قد ... خلفته خلاله مغتمه ) .
( كان حلما فويح من أمل الدهر ... وأعماه جهله وأصمه ) .
( تأمل العيش بعد أن خلق الجسم ... وبنيانه عسير المرمه ) .
( وغدت وفرة الشبيبة بالشيب ... على رغم أنفها معتمه )