لفنت إلى مدينة ماردة وكانت أيضا دار مملكة لبعض ملوك الأندلس في سالف الدهر وهي ذات عز ومنعة وفيها آثار وقصور ومصانع وكنائس جليلة القدر فائقة الوصف فحاصرها أيضا وكان في أهلها منعة شديدة وبأس عظيم فنالوا من المسلمين دفعات وآذوهم وعمل موسى دبابة دب المسلمون تحتها إلى برج من أبراج سورها جعلوا ينقبونه فلما قلعوا الصخر أفضوا بعده إلى العمل المدعو بلسان العجم ألاشه ماشه فنبت عنه معاولهم وعدتهم وثار بهم العدو على غفلة فاستشهد بأيديهم قوم من المسلمين تحت تلك الدبابة فسمي ذلك الموضع برج الشهداء ثم دعا القوم إلى السلم فترسل إليه في تقريره قوم من أماثلهم أعطاهم الأمان واحتال في توهيمهم في نفسه فدخلوا عليه أول يوم فإذا هو أبيض الرأس واللحية كما نصل خضابه فلم يتفق لهم معه أمر وعاودوه قبل الفطر بيوم فإذا به قد قنأ لحيته بالحناء فجاءت كضرام عرفج فعجبوا من ذلك وعاودوه يوم الفطر فإذا هو قد سود لحيته فازداد تعجبهم منه وكانوا لا يعرفون الخضاب ولا استعماله فقالوا لقومهم إنا نقاتل أنبياء يتخلقون كيف شاءوا ويتصورون في كل صورة أحبوا كان ملكهم شيخا فقد صار شابا والرأي أن نقاربه ونعطيه ما يسأله فما لنا به طاقة فأذعنوا عند ذلك وأكملوا صلحهم مع موسى على أن أموال القتلى يوم الكمين وأموال الهاربين إلى جليقية وأموال الكنائس وحليها للمسلمين ثم