بعد فبلغ مدينة المائدة خلف الجبل وهي المنسوبة لسليمان بن داود عليهما السلام وهي خضراء من زبرجدة حافاتها منها وأرجلها وكان لها ثلاثمائة وخمس وستون رجلا فأحرزها عنده ثم مضى إلى المدينة التي تحصنوا بها خلف الجبل فأصاب بها حليا ومالا ورجع ولم يتجاوزها إلى طليلة سنة ثلاث وتسعين وقيل إنه لم يرجع بل اقتحم أرض جليقية واخترقها حتى انتهى إلى مدينة استرقه فدوخ الجهة وانصرف إلى طليلة والله أعلم وقيل إن طارقا دخل الأندلس بغير أمر مولاه موسى بن نصير فالله أعلم قال بعضهم وكانت إقامته في الفتوح وتدويخ البلاد إلى أن وصل سيده موسى ابن نصير سنة وكان ما سيذكر .
وأنشد في المسهب وابن اليسع في المعرب لطارق من قصيدة قالها في الفتح .
( ركبنا سفينا بالمجاز مقيرا ... عسى أن يكون الله منا قد اشترى ) .
( نفوسا وأموالا وأهلا بجنة ... إذا ما اشتهينا الشيء فيها تيسرا ) .
( ولسنا نبالي كيف سألت نفوسنا ... إذا نحن أدركنا الذي كان أجدرا ) .
قال ابن سعيد وهذه الأبيات مما يكتب لمراعاة قائلها ومكانته لا لعلو طبقتها انتهى .
وأما أولاد غيطشة فإنهم لما صاروا إلى طارق بالأمان وكانوا سبب الفتح حسبما تقدم قالوا لطارق أنت أمير نفسك أم فوقك أمير فقال بل على رأسي أمير وفوق ذلك الأمير أمير عظيم فاستأذنوه باللحاق بموسى بن نصير بإفريقية ليؤكد سببهم به وسألوه الكتاب إليه بشأنهم معه وما أعطاهم من عهده ففعل وساروا نحو