قلت وهذا الانتقاد غير مسلم فإن لسان الدين وإن أطنب وأسهب فقد سلك من البلاغة أحسن مذهب ويرحم الله تعالى العلامة البرهان الباعوني المذكور أعلاه إذ كتب بخطه فى آخر بعض تآليف لسان الدين فى الإنشاء ما صورته قال كاتبه إبراهيم بن أحمد الباعونى لطف الله تعالى به الحمد لله على ما ألهم من البيان وعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم وقفت على هذا الكتاب من أوله إلى آخره وعمت من بحر بلاغته فى زاخره وعددته من مناقب مؤلفه ومفاخره فإنه برز فيه غاية التبريز وأتى بما هو أحسن من الذهب الإبريز لا بل هو أبهى من الجواهر والنجوم الزواهر وعجبت من تلك الألفاظ المشبهة لسحر الألحاظ ورقة المعانى المحكمة المبانى انتهى .
فانظر أيدك الله تعالى بعين الإنصاف إلى كلام هذا الفاضل المنصف الكامل وقسه مع كلام ذلك المنتقد المتعصب الناقص الخامل مع أن الكلام الذى تعرض له ذاك بالقدح هو الذى تصدى له الباعوني بالمدح وكل إناء بالذى فيه ينضح وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل أهل الفضل والأمر أجلى من أن يقام عليه دليل وأوضح .
رجع إلى ما كنا بصدده .
وقال الوزير ابن عاصم عندما أجرى ذكر سلطان ابن الخطيب أمير المسلمين الغنى بالله بعد كلام كثير ما صورة محل الحاجة منه وكان هذا السلطان من نيل الأغراض على أكمل ما يكون عليه مثله ممن نزع غرقا فى قوس الخلافة حكى لي شيخنا القاضى أبو العباس الحسنى أن كبير ولده الأمير أبا الحجاج طلب من الشيخ ذي الوزارتين أبى عبد الله ابن الخطيب أن يطلب من أبيه الغنى بالله أن يبادر بإعذاره إذ كان قد جاوز سن الإثغار دون إعذار لمكان ما لحق والده من التمحيص وغير ذلك من الحوادث المهمة فأسعده الشيخ بذلك وقال