إن نظم أنساك أبا ذؤيب برقته ونصيبا بمنصبه ونخوته وإن كتب أربى على ابن مقلة بخطه وإن أنشأ رسالة أنساك العماد بحسن مساقها وضبطه وهو رب هذا الشان وفارس هذا الميدان ومع تفننه في الشعر فهو في العلوم قد نبغ وما بلغ أحد من شعراء عصره منه ما بلغ بل سلموا التقدم فيه إليه وألقوا زمام الاعتراف بذلك في يديه ودخلوا تحت راية الأدب التي حمل إذ ظهر ساطع براعته ظهور الشمس في الحمل أنشدني لنفسه يمدح أمير المسلمين أبا الحجاج يوسف ابن أمير المسلمين أبي الوليد إسماعيل عم أبينا ابن جدنا الرئيس الأمير أبي سعيد فرج هذه القصيدة البارعة وحذف منها الراء المهملة .
( قسما بوضاح السنا الوهاج ... من تحت مسدول الذوائب داج ) .
( وبأبلج بالمسك خطت نونه ... من فوق وسنان اللواحظ ساجي ) .
( وبحسن خد دبجت صفحاته ... فغدت تحاكي مذهب الديباج ) .
( وبمبسم كالعقد نظم سلكه ... ولمى حكى الصهباء دون مزاج ) .
( وبمنطق تصبو القلوب لحسنه ... أنسى المسامع نغمة الأهزاج ) .
( وبمائس الأعطاف تثنيه الصبا ... فيميس كالخطي يوم هياج ) .
( ومنعم مثل الكثيب يقله ... مستضعف يشكو من الإدماج ) .
( وبموعد للوصل أنجز فجأة ... من بعد طول تمنع ولجاج ) .
( وبأكؤس أطلعن في جنح الدجى ... شمس السلافة في سماء زجاج ) .
( وحدائق سحب السحاب ذيوله ... فيها وبات لها النسيم يناجي ) .
( وجداول سلت سيوفا عندما ... فجئت بجيش للصبا عجاج ) .
( وبأقحوان قد تضاحك إذ بكت ... عين الغمام بمدمح ثجاج ) .
( وقدود أغصان يملن كأنها ... تخفي حديثا بينها وتناجي ) .
( وحمائم يهتفن شجوا بالضحى ... فهديلهن لذي الصبابة شاجي )