لفضل دقائقها على عظائمه ولد اجتزت مع والدي على قرية من قراها وقد نال منا البرد والمطر أشد النيل فأوينا إليها وكنا على حال ترقب من السلطان وخلو من الرفاهية فنزلنا في بيت شيخ من أهلها من غير معرفة متقدمة فقال لنا إن كان عندكم ما أشتري لكم فحما تسخنون به فإني أمضي في حوائجكم وأجعل عيالي يقومون بشأنكم فأعطيناه ما اشترى به فحما فأضرم نارا فجاء ابن له صغير ليصطلي فضربه فقال له والدي لم ضربته فقال يتعلم استغنام مال الناس والضجر للبرد من الصغر ثم لما جاء النوم قال لابنه أعط هذا الشاب كساءك الغليظة يزيدها على ثيابه فدفع كساءه إلي ولما قمنا عند الصباح وجدت الصبي منتبها ويده في الكساء فقلت ذلك لوالدي فقال هذه مروءات أهل الأندلس وهذا احتياطهم أعطاك الكساء وفضلك على نفسه ثم أفكر في أنك غريب لا يعرف هل أنت ثقة أو لص فلم يطب له منام حتى يأخذكساءه خوفا من انفصالك بها وهو نائم وعلى هذا الشيء الحقير فقس الشيء الجليل انتهى كلام ابن سعيد في المغرب باختصار يسير .
منهج كتاب المغرب لابن سعيد .
ولله دره فإنه أبدع في هذا الكتاب ما شاء وقسمه إلى أقسام منها كتاب وشي الطرس في حلى جزيرة الأندلس وهو ينقسم إلى أربعة كتب .
الكتاب الأول كتاب حلي العرس في حلى غرب الأندلس .
الكتاب الثاني كتاب الشفاه اللعس في حلى موسطة الاندلس