( لودعته والدمع تهمي سحابه ... كما أسلم السلك الفريد المخمسا ) .
( وقبلت في ذاك الجبين مودعا ... لأكرم من نفسي علي وأنفسا ) .
( وحققت من وجدي به قرب رحلتي ... وماذا عسى أن ينظر الدهر من عسا ) .
( فيا رحمة للشيب يبكي شبيبة ... قياس لعمري عكسه كان أقيسا ) .
( فلو أن هذا الموت يقبل فدية ... حبوناه أموالا كراما وأنفسا ) .
( ولكنه حكم من الله واجب ... يسلم فيه من بخير الورى ائتسى ) .
( تغمدك الرحمن بالعفو والرضى ... وكرم مثواك الجديد وقدسا ) .
( وألف منا الشمل في جنة العلا ... فنشرب تسنيما ونلبس سندسا ) .
وكتب إلى القاضي الشريف وهو بوادي آش .
( أهزلا وقد جدت بك اللمة الشمطا ... وأمنا وقد ساورت يا حية رقطا ) .
( أغرك طول العمر في غير طائل ... وسرك أن الموت في سيره أبطا ) .
( رويدا فإن الموت أسرع وافد ... على عمرك الفاني ركائبه حطا ) .
( فإذا ذاك لا تسطيع إدراك ما مضى ... بحال ولا قبضا تطيق ولا بسطا ) .
( تأهب فقد وافى مشيبك منذرا ... وها هو في فوديك أحرفه خطا ) .
( فوافقت منه كاتب السر واشيا ... له القلم الأعلى يخط به وخطا ) .
( معمى كتاب فكه احذر فهذه ... سفينة هذا العمر قاربت الشطا ) .
( وإن طالما خاضت به اللجج التي ... خبطت بها في كل مهلكة خبطا ) .
( وما زلت في أمواجها متقلبا ... فآونة رفعا وآونة حطا ) .
( فقد أوشكت تلقيك في قعر حفرة ... تشد عليك الجانبين بها ضغطا ) .
( ولست على علم بما أنت بعدها ... ملاق أرضوانا من الله أم سخطا )