الجزئيتين إنما امتنع لانتفاء أمر تكرر الوسط فأخبرت بذلك شيخنا الآبلي فقال إنما يقوم القياس على الوسط ثم يشترط فيه بعد ذلك أن لا يكون من جزئيتين ولا سالبتين إلى سائر ما يشترط فقلت ما المانع من كون هذه الشروط تفصيلا لمجمل ما ينبني عليه من الوسط وغيره وإلا فلا مانع غير ما قاله ابن حسين قال الآبلي وقد أجبت بجواب السلوى ثم رجعت إلى ما قاله الناس لوجوب كون مهملات القرآن كلية لأن الشرطية لا تنتج جزئية فقلت هذا فيما يساق منها للحجة مثل ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) الأنبياء 22 أما في مثل هذا فلا .
ولما ورد تلمسان الشيخ الأديب أبو الحسن ابن فرحون نزيل طيبة على تربتها السلام سأل ابن حكم عن معنى هذين البيتين .
( رأيت قمر السماء فأذكرتني ... ليالي وصلها بالرقمتين ) .
( كلانا ناظر قمرا ولكن ... رأيت بعينها ورأت بعيني ) .
ففكر ثم قال لعل هذا الرجل كان ينظر إليها وهي تنظر إلى قمر السماء فهي تنظر إلى القمر حقيقة وهو لإفراط الاستحسان يرى أنها الحقيقة فقد رأى بعينها لأنها ناظرة الحقيقة وأيضا فهو ينظر إلى قمر مجازا وهو لإفراط الاستحسان لها يرى أن قمر السماء هو المجاز فقد رأت بعينه لأنها ناظرة المجاز .
قلت ومن ههنا تعلم وجه الفاء في قوله فأذكرتني لأنه لما صارت رؤيتها رؤيته وصار القمر حقيقة إياها كان قوله رأت قمر السماء فأذكرتني بمثابة قولك أذكرتني فتأمله فإن بعض من لا يفهم كلام الأستاذ حق الفهم ينشده وأذكرتني فالفاء في البيت الأول مبنية على معنى البيت الثاني لأنها