وأما أبو حمو وكان أميرا فوثب وخلفها ولما رجع الملك إلى هذين الرجلين اختصا ابني الإمام وكان أبو حمو أشد اعتناء بهما ثم بعده ابنه أبو تاشفين ثم زادت حظوتهما عند أمير المسلمين أبي الحسن إلى أن توفي أبو زيد في العشر الأوسط من رمضان عام أحد وأربعين وسبعمائة بعد وقعة طريف بأشهر فزادت مرتبة أبي موسى عند السلطان إلى أن كان من أمر السلطان بإفريقية ما كان في أول عام تسعة وأربعين وكان أبو موسى قد صدر عنه قبل الوقعة فتوجه صحبة ابنه أمير المسلمين أبي عنان إلى فاس ثم رده إلى تلمسان وقد استولى عليها عثمان بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن بن زيان فكان عنده إلى أن مات الفقيه عقب الطاعون العام .
قال لي خطيب الحضرة الفاسية أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن مالك بن عبد الله الرندي لما أزمع الفقيه ومن أطلق معه على القفول إلى تلمسان بت على تشييعهم فرأيتني كأنني نظمت هذا البيت في المنام .
( وعند وداع القوم ودعت سلوتي ... وقلت لها بيني فأنت المودع ) .
فانتهبت وهو في في فحاولت قريحتي بالزيادة عليه فلم يتيسر لي مثله .
ولما استحكم ملك أبي تاشفين واستوثق رحل الفقيهان إلى المشرق في حدود العشرين وسبعمائة فلقيا علاء الدين القونوي وكان بحيث إني لما رحلت فلقيت أبا علي حسين بن حسين ببجاية قال لي إن قدرت أن لا يفوتك شيء من كلام القونوي حتى تكتب جميعه فافعل فإنه لا نظير له ولقيا أيضا جلال الدين القزويني صاحب البيان وسمعا صحيح البخاري على الحجار وقد سمعته أنا عليهما وناظرا تقي الدين بن تيمية وظهرا عليه وكان ذلك من أسباب محنته وكانت له مقالات فيما يذكر وكان شديد الإنكار على الإمام فخر الدين حدثني