لطلب الحق منكم فليس يعلم أنه صدر عن مثلكم من خدام الدول ما صدر عنكم من العيث في الأبشار والأموال وهتك الأعراض وإفشاء الأسرار وكشف الأستار واستعمال المكر والحيل والغدر في غالب الأحوال للشريف والمشروف والخديم والمخدوم ولو لم يكن في الوجود من الدلائل على صحة ما رضيتم به لنفسكم من الاتسام بسوء العهد والتجاوز المحض وكفران النعم والركون إلى ما تحصل من الحطام الزائل إلا عملكم مع سلطانكم مولاكم وابن مولاكم أيده الله بنصره وما ثبت من مقالاتكم السيئة فيه وفي كثير من أهل قطره لكفاكم وصمة لا يغسل دنسها البحر ولا ينسى عارها الدهر فإنكم تركتموه أولا بالمغرب عند تلون الزمان وذهبتم للكدية والأخذ بمقتضى المقامة الساسانية إلى ان استدعاه الملك وتخلصت له بعد الجهد بالأندلس فسقطتم عليه سقوط الذباب على الحلواء وضربتم وجوه رجاله بعضا ببعض حتى خلا لكم الجو وتمكن الأمر والنهي فهمزتم ولمزتم وجمعتم من المال ما جمعتم ثم وريتم بتفقد ثغر الجزيرة الخضراء مكرا منكم فلما بلغتم أرض الجبل انحرفتم عن الجادة وهربتم بأثقالكم الهروب الذي أنكره عليكم كل من بلغه حديثكم أو يبلغه إلى أخر الدهر في العدوتين من مؤمن وكافر وبر وفاجر فكيف يستقيم لكم بعد المعرفة بتصرفاتكم حازم أو يثق بكم في قول أو فعل صالح أو طالح ولو كان قد بقي لكم من العقل ما تتفكرون به في الكيفية التي ختمتم بها عملكم بالأندلس من الزيادة في المغرم وغير ذلك مما لكم وزره ووزر من عمل به بعدكم إلى يوم القيامة حسبما ثبت في الصحيح لحملكم على مواصلة الحزن وملازمة الأسف والندم عى ما أوقعتم فيه نفسكم الأمارة من التورط والتنشب في أشطان الآمال ودسائس الشيطان ونعوذ بالله من شرور الأنفس وسيئات الأعمال .
وأما قولكم عن فلان إنه كان حشرة في قلوب اللوز وإن فلانا كان برغوثا في تراب الخمول فكلام سفساف يقال لكم من الجواب عليه وأنتم يا هذا أين كنتم منذ خمسين سنة مثلا خلق الله الخلق لا استظهارا بهم