وأقصر الطاغية عن البلاد بعد أن ترك ثغورها مهتومة والإخافة عليها محتومة وطوابعها مفضوضة وكانت بنا مختومة وأخذت الخائن الصيحة فاختبل وظهر تهوره الذي عليه جبل فجمع أوباشه السفلة وأوشابه وبهرجه الذي غش به المحض وشابه وعمد إلى الذخيرة التي صانتها الأغلاق الحريزة والمعاقل العزيزة فملأ بها المناطق واستوعب الصامت والناطق والوشح والقراطق واحتمل عدد الحرب والزينة وخرج ليلا عن المدينة واقتضت آراؤه الفائلة ونعامته الشائلة ودولة بغيه الزائلة أن يقصد طاغية الروم بقضه وقضيضه وأوجه وحضيضه وطويله وعريضه من غير عهد اقتضى وثيقة ولا أمر عرف حقيقته إلا ما أمل اشتراطه من تبديل الكلمة واستئصال الأمة المسلمة فلم يكن إلا أن تحصل في قبضته ودنا من مضجع ربضته واستشار نصحاءه في أمره وحكم الحيلة في جناية غدره وشهره ببلده وتولى قتله بيده وألحق به جميع من أمده في غيه وظاهره على سوء سعيه وبعث إلينا برؤوسهم فنصبت بمسور غدرها وقلدت لبة تلك البنية بشذرها وأصبحت عبرة للمعتبرين وآية للمستبصرين وأحق الله الحق بكلماته وقطع دابر الكافرين .
وعدنا إلى أريكة ملكنا كما رجع القمر إلى بيته بعد كيته وكيته أو العقد إلى جيده بعد انتثار فريده أو الطير إلى وكره مفلتا من غول الشرك ومكره ينظر الناس إلينا بعيون لم ترو مذ غبنا من محيا رحمة ولا طشت عليها بعدنا غمامة رحمة ولا باتت للسياسة في ذمة ولا ركنت لدين ولا همة فطوينا بساط العتاب طي الكتاب وعالجنا سطور بالاضطراب وآنسنا نفوس أولي الاقتراف بالاقتراب وسهلنا إلينا واستغفرنا الله لنفسنا ولمن جنى علينا فلا تسألوا عما أثار ذلك من استدراك ندم ورسوخ قدم واستمتاع بوجود بعد عدم فسبحان الذي يمحص ليثيب ويأمر بالدعاء ليجيب وينبه من الغفلة ويهيب ويجتبي إليه من يشاء ويهدي