ولم يسمع بمثل هذا السيل في تلك البلاد وكان بين رؤساء الإفرنج في ذلك الوقت اختلاف فبعضهم استقل بملك قرطبة وبعض بإشبيلية وبعض بشريش وعلى ذلك كان صاحب غرناطة السلطان أبو الحسن قد استرسل في اللذات وركن الى الراحات وأضاع الأجناد وأسند الأمر إلى بعض وزرائه واحتجب عن الناس ورفض الجهاد والنظر في الملك ليقضي الله تعالى ما شاء وكثرت المغارم والمظالم فأنكر الخاصة والعامة ذلك منه وكان أيضا قد قتل كبار القواد وهو يظن ان النصارى لا يغزون بعد البلاد ولا تنقضي بينهم الفتنة ولا ينقطع الفساد واتفق ان صاحب قشتالة تغلب على بلادها بعد حروب وانقاد له رؤساء الشرك المخالفون ووجدت النصارى السبيل إلى الإفساد والطريق إلى الإستيلاء على البلاد وذلك أنه كان للسلطان أبي الحسن ولدان محمد ويوسف وهما من بنت عمه السلطان أبي عبدالله الأيسر وكان قد اصطفى على أمهما رومية كان لها منه بعض ذرية وكانت حظية عنده مقدمة في كل قضية فخيق ان يقدم أولاد الرومية على أولاد بنت عمه السنية وحدث بين خدام الدولة التنافر والتعصب لميل بعضهم إلى أولاد الحرة وبعض إلى أولاد الرومية وكان النصارى أيام الفتنة بينهم هادنوا السلطان لأمد حددوه وضربوه ولما تم امد الصلح وافق وقته هذا الشان بين أولياء الدولة بسبب الأولاد وتشكى الناس مع ذلك بالوزير والعمال لسوء ما عاملوا به الناس من الحيف والجور فلم يصغ إليهم وكثر الخلاف واشتد الخطب وطلب الناس تأخير الوزير وتفاقم الأمر وصح عند النصارى لعنهم الله تعالى ضعف الدولة واختلاف القلوب فبادروا إلى الحامة فأخذوها غدرا آخر أيام الصلح على يد صاحب قادس سنة سبع وثمانين وثمانمائة وغدوا للقلعة وتحصنوا بها ثم شرعوا في أخذ البلد فملأوا الطرق خيلا ورجالا وبذلوا السيف فيمن ظهر من المسلمين ونهبوا