لما قدر الله تعالى وقضى ما صورة محل الحاجة منه ومن استقرأ التواريخ المنصوصة وأخبار الملوك المقصوصة علم أن النصارى دمرهم الله تعالى لم يدركوا في المسلمين ثارا ولم يرحضوا عن أنفسهم عارا ولم يخربوا من الجزيرة منازل وديارا ولم يستولوا عليها بلادا جامعة وأمصارا إلا بعد تمكينهم لأسباب الخلاف واجتهادهم في وقوع الافتراق بين المسلمين والاختلاف وتضريبهم بالمكر والخديعة بين ملوك الجزيرة وتحريشهم بالكيد والخلابة بين حماتها في الفتن المبيرة ومهما كانت الكلمة مؤتلفة والآراء لا مفترقة ولا مختلفة والعلماء بمعاناة اتفاق القلوب إلى الله مزدلفة فالحرب إذ ذاك سجال ولله تعالى في إقامة الجهاد في سبيله رجال وللممانعة في غرض المدافعة ميدان رحب ومجال وروية وارتجال .
إلى أن قال وتطاولت الأيام ما بين مهادنة ومقاطعة ومضاربة ومقارعة ومنازلة ومنازعة وموافقة وممانعة ومحاربة وموادعة ولا أمل للطاغية إلا في التمرس بالإسلام والمسلمين وإعمال الحيلة على المؤمنين وإضمار المكيدة للموحدين واستبطان الخديعة للمجاهدين وهو يظهر أنه ساع للوطن في العاقبة الحسنى وأنه منطو لأهله على المقصد الأسنى ومهتم بمراعاة امورهم وناظر بنظر المصلحة لخاصتهم وجمهورهم وهو يسر حسوا في ارتغائه ويعمل الحيلة في التماس هلك الوطن وابتغائه فتبا لعقول تقبل مثل هذا المحال وتصدق هذا الكذب بوجه أو بحال وليت المغرور الذي يقبل هذا لو فكر في نفسه وعرض هذا المسموع على مدركات حسه وراجع أوليات عقله وتجربيات حدسه وقاس عدوه الذي لا ترجى مودته على أبناء جنسه فأنا أناشده الله هل بات قط بمصالح النصارى وسلطانهم مهتما وأصبح من خطب طرقهم مغتما ونظر لهم نظر المفكر في العاقبة الحسنة أو قصد لهم قصد المدبر