طليطلة - 478 .
ولنرجع إلى ما كنا بصدده من أخذ النصارى قواعد الأندلس فنقول قد قدمنا أوائل هذا الباب ان طليطلة أعادها الله تعالى من أول ما أخذ الكفار من المدن العظام بالأندلس قال ابن بسام لما توالت على اهل طليطلة الفتن المظلمة والحوادث المصطلمة وترادف عليهم البلاء والجلاء واستباح الفرنج لعنهم الله تعالى أموالهم وأرواحهم كان من أعجب ماجرى من النوادر الدالة على الخذلان ان الحنطة كانت تقيم عندهم مخزونة خمسين سنة لا تتغير ولا يؤثر فيها طول المدة بما يمنع من اكلها فلما كانت السنة التى استولى عليها العدو فيها لم ترفع الغلة من الأندر حتى أسرع فيها الفساد فعلم الناس أن ذلك بمشيئة الله تعالى لأمر أراده من شمول البلوى وعموم الضراء فاستولى العدو على طليطلة وأنزل من بها على حكمه وخرج ابن ذي النون منها على أقبح صورة وأفظع سيرة ورآه الناس وبيده إصطرلاب يأخذ به وقتا يرحل فيه فتعجب منه المسلمون وضحك عليه الكافرون وبسط الكافر العدل على أهل المدينة وحبب التنصر إلى عامة طغامها فوجد المسلمون من ذلك ما لا يطاق حمله وشرع في تغيير الجامع كنيسة فى ربيع الأول سنة ست وتسعين وأربعمائة .
ومما جرى في ذلك اليوم أن الشيخ الأستاذ المغامي C تعالى صار إلى الجامع وصلى فيه وأمر مريدا له بالقراءة ووافاه الفرنج لعنهم الله تعالى وتكاثروا لتغيير القبلة فما جسر أحد منهم على إزعاج الشيخ ولا معارضته وعصمه الله تعالى منهم إلى أن أكمل القراءة وسجد سجدة ورفع رأسه وبكى على الجامع بكاء شديدا وخرج ولم يعرض أحد له بمكروه وقيل لملك