في اموره غير متطاول ولا مبذر غير سالك نهج الترف والتأنق في اللذة والنعيم إذ ذهب صدر عمره في بلاده بالصحراء في شظف العيش فأنكر على من أغراه بذلك الإسراف وقال له الذي يلوح لي من أمر هذا الرجل يعنى المعتمد انه مضيع لما في يده من الملك لأن هذه الأموال الكثيرة التى تصرف في هذه الأحوال لابد أن يكون لها أرباب لا يمكن أخذ هذا القدر منهم على وجه العدل أبدا فأخذه بالظلم وإخراجه في هذه الترهات من أفحش استهتار ومن كانت همته في هذا الحد من التصرف فيما لا يعدو الأجوفين متى تستنجد همته في ضبط بلاده وحفظها وصون رعينه والتوقير لمصالحها ولعمري لقد صدق في كل ذلك .
ثم إن يوسف بن تاشفين سأل عن أحوال المعتمد في لذاته هل تختلف فتنقص عما عليه في بعض الأوقات فقيل له بل كل زمانه على هذا فقال أفكل أصحابه وأنصاره على عدوه ومنجديه على الملك ينال حظا من ذلك فقالوا لا قال فكيف ترون رضاهم عنه فقالوا لا رضى لهم عنه فأطرق وسكت وأقام عند المعتمد على تلك الحال أياما .
وفي أثنائها استأذن رجل على المعتمد فدخل وهو ذو هيئة رثة وكان من أهل البصائر فلما مثل بين يديه قال أصلحك الله أيها السلطان وإن من اوجب الواجبات شكر النعمة وإن من شكر النعمة إهداء النصائح وإني رجل من رعيتك حالي في دولتك إلى الإختلال أقرب منها إلى الإعتدال ولكنني مع ذلك مستوجب لك من النصيحة ما للملك على رعيته فمن ذلك خبر وقع في أذني من بعض أصحاب ضيفك هذا يوسف بن تاشفين يدل على انهم يرون انفسهم وملكهم أحق بهذه النعمة منك وقد رأيت رأيا فإن آثرت الإصغاء