وخاضتها مع جواريها وغاضبها في بعض الأيام فأقسمت انها لم تر منه خيرا قط فقال ولا يوم الطين فاستحيت واعتذرت وهذا مصداق قول نبينا في حق النساء ( لو أحسنت إلى احداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط ) .
قلت ولعل المعتمد أشار في أبياته الرائية إلى هذه القضية حيث قال في بناته .
( يطأن في الطين والأقدام حافية ... كأنها لم تطأ مسكا وكافورا ) .
ويحتمل أن يكون أشار بذلك إلى ماجرت به عادة الملوك من ذر الطيب في قصورهم حتى يطؤوه بأقدامهم زيادة في التنعم .
وسبب قول المعتمد ذلك ما حكاه الفتح فقال وأول عيد أخذه يعني المعتمد بأغمات وهو سارح وما غير الشجون له مبارح ولا زي إلا حالة الخمول واستحالة المأمول فدخل عليه من بنيه من يسلم عليه ويهنيه وفيهم بناته وعليهن أطمار كأنها كسوف وهن أقمار يبكين عند التساؤل ويبدين الخشوع بعد التخايل والضياع قد غير صورهن وحير نظرهن وأقدامهن حافية وآثار نعيمهن عافية فقال .
( فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا ... فساءك العيد في أغمات مأسورا ) .
( ترى بناتك في الأطمار جائعة ... يغزلن للناس ما يملكن قطميرا ) .
( برزن نحوك للتسليم خاشعة ... أبصارهن حسيرات مكاسيرا )