فيها الرجاء وأخفق واستحالت بهجتها واحالت عليها من الحال لجتها فانتقل إلى رندة معقل أشب ومنزل للسماك منتسب وأقام فيها رهين حصار ومهين حماة وأنصار ولقيت ريحه كل إعصار حتى رمته سهام الخطوب عن قسيها وأمكنت منه يدي مسيها فحواه رمسه وطواه عن غده امسه حسبما بسطنا القول فيه فيما مر من أخبار أبيه انتهى .
والذي أشار إليه هنا وأحال عليه فيما تقدم له من أخبار المعتمد هو قوله بعد حكايته قتل المأمون بن المعتمد بقرطبة وسياقة أخبار ذلك ما نصه ثم انتقلوا إلى رندة احد معاقل الأندلس الممتنعة وقواعدها السامية المرتفعة تطرد منها على بعد مرتقاها ودنو النجوم من ذراها عيون لانصبابها دوي كالرعد القاصف والرياح العواصف ثم تتكون واديا يلتوي بجوانبها التواء الشجاع ويزيدها في التوعر والامتناع وقد تجونت نواحيها وأقطارها وتكونت فيها لباناتها وأوطارها لا يتعذر لها مطلب ولا يتصورفيها عدو إلا علقه ناب أو مخلب فلما أناخوا منها على بعد وأقاموا من الرجاء فيها على غير وعد وفيها ابنه الراضي لم يحفل بأناختهم بإزائه ولا عدها من أرزائه لامتناعه من منازلتهم وارتفاعه عن مطاولتهم إلى ان انقضى في امر إشبيلية ما انقضى وأفضى أمر أبيه إلى ما أفضى فحمل على مخاطبته لينزل عن صياصيه ويمكنهم من نواصيه فنزل برا بأبيه وإبقاء على أرماق ذويه بعد أن عاقدهم مستوثقا وأخذ عليهم عهدا من الله وموثقا فلما وصل إليهم وحصل في يديهم مالوا به عن الحصن وجرعوه الردى وأقطعوه الثرى حين اودى وفي ذلك يقول المعتمد يرثيهما وقد رأى قمرية بائحة بشجنها نائحة بفننها على سكنها وامامها وكر فيه طائران يرددان نغما ويغردان ترحة وترنما