فطير ابنه الحمام إليه فأمره باخلائها فظهر عند ذلك ابن تاشفين وقيل إنه لم يجز المرة الأولى حتى طلب من المعتمد الجزيرة لتكون عدة له وكان ذلك بدسيسة بعض اهل الأندلس نصحا لابن تاشفين ثم شرع ابن تاشفين في خلع ملوك الأندلس وقتالهم وأرسل إلى كل مملكة جماعة من أهل دولته وأجناده يحاصرونها وأرسل إلى حضرة المعتمد إشبيلية وشرع في قتالها والناس قد ملوا الدولة العبادية وسئموها على ماجرت به العادة من حب الجديد لاسيما وقد ظهر من ابن عباد من التهتك في الشرب والملاهي ما لا يخفى أمره فتمنى أكثر الناس الراحة من دولتهم ولما اشتد مخنق المعتمد وجه عن النصارى فأعد لهم ابن تاشفين من لقيهم في الطريق فهزمهم وجهز ابن تاشفين القطائع لإشبيلية وجد في حصارها والمعتمد مع ذلك منغمس في لذاته وقد ألقى الأمور بيد ابنه الرشيد فلم يشعر ابن عباد إلا والعسكر معه في البلد فأفاق من نومه وصحا من سكره وركب فرسه وحسامه في يده وليس عليه إلا ثوب واحد فوافق العسكر قد دخل من باب الفرج ووافى هنالك طبالا فضربه بسيفه ضربة قسمه بها نصفين ففر الناس امامه وتراموا من السور ووقف حتى بان الباب وفي ذلك يقول الأبيات المذكورة فيما يأتي .
( إن يسلب القوم العدا إالخ ) .
فلما وصل إلى باب الصباغين وجد ابنه مالكا مقتولا فاسترحم له ودخل القصر وزاد الأمر بعد ذلك ودخل البلد من كل جهاته فطلب الأمان له ولمن معه فأمن وجميع من له وأعدت له مراكب واجتاز إلى طنجة فلقيه الحصري الشاعر وكان قد ألف له كتاب المستحسن من الأشعار فلم يقض بوصوله إليه إلا وهو على تلك الحالة فلما أخذ المعتمد الكتاب قال للحصري ارفع ذلك البساط فخذ ما تحته فوالله ما املك غيره فوجد تحته جملة مال فأخذه ثم انتقل حتى وصل أغمات ولم يزل بها إلى أن مات C تعالى