الناس ضحى وظهر كل متوار وضحا قام على قبره عند انفصالهم من مصلاهم واختيالهم يزينتهم وحلاهم وقال بعد أن طاف بقبره والتزمه وخر على تربه ولثمه .
( ملك الملوك أسامع فأنادي ... أم قد عدتك عن السماع عوادي ) .
( لما خلت منك القصور فلم تكن ... فيها كما قد كنت في الأعياد ) .
( قبلت في هذا الثرى لك خاضعا ... وتخذت قبرك موضع الإنشاد ) .
وهي قصيدة أطال إنشادها وبنى بها اللواعج وشادها فانحشر الناس إليه وانحفلوا وبكوا ببكائه وأعولوا وأقاموا أكثر نهارهم مطيفين به طواف الحجيج مديمين للبكاء والعجيج ثم انصرفوا وقد نزفوا ماء عيونهم وأقرحوا مآقيهم بفيض شؤونهم وهذه نهاية كل عيش وغاية كل ملك وجيش والأيام لا تدع حيا ولا تألوا كل نشر طيا تطرق رزاياها كل سمع وتفرق مناياها كل جمع وتصمي كل ذي امر ونهي وترمي كل مشيد بوهي ومن قبله طوت النعمان ابن الشقيقة ولوت مجازه في تلك الحقيقة انتهى ما قصدنا جلبه من كلام الفتح مما يدخل في أخبار المعتمد بن عباد المناسبة لما مر .
وكلام الفتح كله الغاية وليس الخبر كالعيان ولذا قال بعض من عرف به إنه أراد أن يفضح الشعراء الذين ذكرهم في كتبه بنثره سامحة الله تعالى .
وأخبار المعتمد C تعالى تحتمل مجلدات وآثاره إلى الآن بالغرب مخلدات وكان من النادر الغريب قولهم في الدعاء للصلاة على جنازته الصلاة على الغريب بعد اتساع ملكه وانتظام سلكه وحكمه على إشبيلية وأنحائها وقرطبة وزهرائها وهكذا شأن الدنيا في تدريسها نحو ندبتها وإغرائها .
وقد توجه لسان الدين الوزير ابن الخطيب إلى أغمات لزيارة قبر المعتمد رحمه