( أتوا حسبة إذ قيل جد نحوله ... فلم يبق من لحم عليه ولا عظم ) .
( فعادوا قميصا في فراش فلم يروا ... ولا لمسوا شيئا يدل على جسم ) .
( طواه الهوى فى ثوب سقم من الضنى ... وليس بمحسوس بعين ولا وهم ) .
وقال فى المطمح فيه إنه قاضي الجماعة بقرطبة فاضل ورع مبرز في النساك والزهاد دائم الأرق فى التخشع والسهاد مع التحقق بالعلم والتمييز بحمله والتحيز إلى فئة الورع وأهله وله تآليف فى التصوف والزهد منها كتاب المنقطعين الى الله وكتاب المجتهدين وأشعار فى هذا المعنى منها قوله .
( فررت إليك من ظلمي لنفسي ... وأوحشني العباد وأنت أنسي ) .
( قصدت إليك منقطعا غريبا ... لتؤنس وحدتي فى قعر رمسي ) .
( وللعظمى من الحاجات عندي ... قصدت وأنت تعلم سر نفسي ) .
ولما أراد المستنصر بالله غزو الروم تقدم الى أبي محمد والده بالكون في صحبته ومسايرته في غزوته فاعتذر بعذر يجده فقال له الحكم إن ضمن لي أن يؤلف في أشعار خلفائنا بالمشرق والأندلس مثل كتاب الصولي في أشعار خلفاء بني العباس أعفيته من الغزاة وجازيته أفضل المجازاة فأجابه إليه على أن يؤلفه بالقصر فزعم أنه رجل مزور وأن ذلك الوضع ممتنع على من يلم به ويزور فألفه بدار الملك المطلة على النهر وأكمله فيما دون شهر وتوفي والمستنصر بعد فى غزاته .
3 - وقال ابن سيده صاحب المحكم يخاطب إقبال الدولة .
( ألا هل الى تقبيل راحتك اليمنى ... سبيبل فإن الأمن في ذاك واليمنا ) .
قال في المطمح الفقيه أبو الحسن على بن أحمد المعروف بابن سيده إمام فى اللغة العربية وهمام فى الفئة الأدبية وله فى ذلك أوضاع لأفهام أخلافها استدرار واسترضاع حررها تحريرا وأعاد طرف الذكاء بها قريرا وكان منقطعا الى الموفق صاحب دانية وبها أدراك أمانيه ووجد تجرده للعلم وفراغه وتفرد بتلك الاراغة ولا سيما كتابة المسمى بالمحكم فإنه أبدع كتاب وأحكم ولما مات الموفق رائش جناحه ومثبت غرره وأوضاحه خاف من ابنه إقبال الدولة وأطاف به مكروها بعض من كان حوله إذ أهل الطلب كحيات مساورة ففر الى بعض الأعمال المجاورة وكتب إليه منها مستعطفا .
( ألا هل الى تقبيل راحتك اليمنى ... سبيل فإن الأمن فى ذاك واليمنا ) .
( فتنضى هموم طلحته خطوبها ... ولا غاربا يبقين منه ولا متنا ) .
( غريب نأى أهلوه عنه وشفه ... هواهم فأمسى لايقر ولا يهنا ) .
( فيا ملك الأملاك إنى محلا ... عن الورد لا عنه أذاذ ولا أدنى ) .
( تحققت مكروها فأقبلت شاكيا ... لعمري أمأذون لعبدك أن يعنى ) .
( وإن تتأكد في دمي لك نية ... فإني سيف لا أحب له جفنا ) .
( إذا ماغدا من حر سيفك باردا ... فقدما غدا من برد نعماكم سخنا ) .
( وهل هي إلا ساعة ثم بعدها ... ستقرع ماعمرت من ندم سنا )