الروم فأجاب إلى ما ارتهن ولما صاروا بالمدينة البيضاء - وهي قلعة رباح غربي طليطلة - خرج حريز لابسا لأمة حربه يرمق الروم منه شخصا أوتي بسطة في الجسم والبسالة يتعجبون من آلات حربه ويتحدثون بشجاعة قلبه ولما وصل فسطاط الملك تلقته الملوك بالرحب والسعة ولما أراد النزول عن فرسه ركز رمحه فأبصر الملك منه هيئة تشهد له بما عنه حدث وهيبة يجزع للقائها الشجاع ويكترث فدعاه إلى البراز عظيم أبطالهم فقال له الملك يا حريز أريد أن أنظر إلى مبارزتك هذا البطل فقال له حريز المبارز لا يبارز إلا أكفاءه وإن لي بينة على صدق قولي أن ليس لي فيهم كفء هذا رمحي قد ركزته فمن ركب واقتلعه بارزته كان واحدا أو عشرة فركب عظيمهم فلم يهز الرمح من مكانه حين رامه ثم فعل ذلك مرارا فقال له الملك أرني يا حريز كيف تقلعه فركب وأشار بيده واقتلعه فعجب القوم ووصله الملك وأكرمه انتهى .
وكان حريز هذا شاعرا ولما اجتاز به كاتب ابن ذي النون الوزير أبو المطرف ابن المثنى كتب إليه .
( يا فريدا دون ثان ... وهلالا في العيان ) .
( عدم الراح فصارت ... مثل دهن البلسان ) .
فجاوبه حريز وهو يومئذ أمير قلعته .
( يا فريدا لا يجارى ... بين أبناء الزمان ) .
( جاء من شعرك روض ... جاده صوب البيان ) .
( فبعثناها سلافا ... كسجاياك الحسان )