جهلت ارتفاعها عما يجتلي من نوعها ويستمع ولكن لما أنسته من أنسك بانتجاعها وحرصك على ارتجاعها دفعت في صدر الولوع وتركت بينها وبين مجاثمها تلك الربوع حيث الأدب غض وماء البلاغة مرفض فأسعد أعزك الله بكرتها وسلها عن أفانين معرتها بما تقطفه من ثمارك وتغرفه من بحارك وترتاح له ولإخوانه من نتائج أفكارك وإنها لشنشنة أعرفها فيكم من أخزم وموهبة حزتموها وأحرزتم السبق فيها منذ كم انتهى .
وابن عبد الغفور هو الوزير أبو القاسم الذي قال فيه الفتح فتى زكا فرعا وأصلا وأحكم البلاغة معنى وفصلا وجرد من ذهنه على الأعراض نصلا قدها به وفراها وقدح زند المعالي حتى أوراها مع صون يرتديه ولا يكاد يبديه وشبيبة ألحقته بالكهول فأقفرت منه ربعها المأهول وشرف ارتداه وسلف اقتفى أثره الكريم واقتداه وله شعر بديع السرد مفوف البرد وقد أثبت له منه ما ألفيت وبالدلالة عليه أكتفيت فمن ذلك قوله .
( تركت التصابي للصواب وأهله ... وبيض الطلى للبيض والسمر للسمر ) .
( مدامي مدادي والكؤوس محابري ... وندماي أقلامي ومنقلتي سفري ) وله .
( لا تنكروا أننا في رحلة أبدا ... نحث في نفنف طورا وفي هدف .
( فدهرنا سدفة ونحن أنجمها ... وليس ينكر مجرى النجم في السدف ) .
( لو أسفر الدهر لي أقصرت عن سفري ... وملت عن كلفي بهذه الكلف )