وقال في حقه في المطمح من بيت جلالة وعترة أصالة كانوا مع عبد الرحمن الداخل وتوغلوا معه في متشعبات تلك المداخل وسعوا في الخلافة حتى حضر مبايعها وكثر مشايعها وجدوا في الهدنة وانعقادها وأخمدوا نار الفتنة عند اتقادها فانبرمت عراها وارتبطت أولاها وأخراها فظهرت البيعة واتضحت وأعلنت الطاعة وأفصحت وصاروا تاج مفرقها ومنهاج طرقها وهو ممن بلغ الوزارة بعد ذلك وأدركها وحل مطلعها وفلكها مع اشتهار في اللغة والآداب وانخراط في سلك الشعراء والكتاب وإبداع لما ألف وانتهاض بما تكلف ودخل على المنصور وبين يديه كتاب ابن السري وهو به كلف وعليه معتكف فخرج وعمل على مثاله كتابا سماه ربيعة وعقيل جرد له من ذهنه أي سيف صقيل وأتى به منتسخا مصورا في ذلك اليوم من الجمعة الأخرى وأبرزه والحسن يتبسم عنه ويتفرى فسر به المنصور وأعجب ولم يغب عن بصره ساعة ولا حجب وكان له بعد هذه المرة حين أدجت الفتنة ليلها وأزجت إبلها وخيلها اغتراب كاغتراب الحارث بن مضاض واضطراب بين القوافي والمواضي كالحية النضناض ثم اشتهر بعد وافتر له السعد وفي تلك المدة يقول يتشوق إلى أهله .
( سقى بلدا أهلي به وأقاربي ... غواد بأثقال الحيا وروائح .
( وهبت عليهم بالعشي وبالضحى ... نواسم برد والظلال فوائح ) .
( تذكرتهم والنأي قد حال دونهم ... ولم أنس لكن أوقد القلب لافح ) .
( ومما شجاني هاتف فوق أيكة ... ينوح ولم يعلم بما هو نائح ) .
( فقلت اتئد يكفيك أني نازح ... وأن الذي أهواه عني نازح ) .
( ولي صبية مثل الفراخ بقفرة ... مضى حاضناها فاطحتها الطوائح )