( لك الحمد بعد الملك أصبحت خاملا ... بأرض اغتراب لا أمر ولا أحلي ) .
( وقد أصدأت فيها الجذاذة أنملي ... كما نسيت ركض الجياد بها رجلي ) .
( فلا مسمعي يصغي لنغمة شاعر ... وكفي لا تمتد يوما إلى بذل ) .
قال ابن اللبانة الشاعر علمت حقيقة جور الدهر حتى اجتمعت ببجاية مع عز الدولة بن المعتصم بن صمادح فإني رأيت منه خير من يجتمع به كأنه لم يخلقه الله تعالى إلا للملك والرياسة وإحياء الفضائل ونظرت إلى همته تنم من تحت حموله كما ينم فرند السيف وكرمه من تحت الصدأ مع حفظه لفنون الأدب والتواريخ وحسن استماعه وإسماعه ورقة طباعه ولطافة ذهنه ولقد ذكرته لأحد من صحبته من الأدباء في ذلك المكان ووصفته بهذه الصفات فتشوق إلى الاجتماع به ورغب إلي في أن أستأذنه في ذلك فلما أعلمت عز الدولة قال يا أبا بكر لتعلم أنا اليوم في خمول وضيق لا يتسع لنا معهما ولا يجمل بنا الاجتماع مع أحد لا سيما مع ذي أدب ونباهة يلقانا بعين الرحمة ويزورنا بمنة التفضل في زيارتنا ونكابد من ألفاظ توجعه وألحاظ تفجعه ما يجدد لنا هما قد بلي ويحيي كمدا قد فني وما لنا قدرة على أن نجود عليه بما يرضى به عن همتنا فدعنا كأننا في قبر نتدرع لسهام الدهر بدرع الصبر وأما أنت فقد اختلطت بنا اختلاط اللحم بالدم وامتزجت امتزاج الماء بالخمر فكأنا لم نكشف حالنا لسوانا ولا أظهرنا ما بنا لغيرنا فلا تحمل غيرك محملك قال ابن اللبانة فملأ والله سمعي بلاغة لا تصدر إلا عن سداد ونفس أبية متمكنة من أعنة البيان وانصرفت متمثلا .
( لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... ولم يبق إلا صورة اللحم والدم ) .
( وكائن ترى من صامت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم )