الباب فنادى من هذا فقلت رجل ممن يتوسل لرؤيتك بقرابة فقال لا قرابة إلا بالتقى فإن كنت من أهله فادخل وإلا فتنح عني فقلت أرجو في الاجتماع بك والاقتباس منك أن أكون من أهل التقى فقال ادخل فدخلت عليه فإذا به في مصلاه وسبحة أمامه وهو يعد حبوبها ويسبح فيها فقال لي ارفق علي حتى أتمم وظيفتي من هذا التسبيح وأقضي حقك فقعدت إلى أن فرغ فلما قضى شغله عطف علي وقال ما القرابة التي بيني وبينك فانتسبت له فعرف أبي وترحم عليه وقال لي لقد كان نعم الرجل وكان لديه أدب ومعرفة فهل لديك أنت مما كان لديه شيء فقلت له إنه كان يأخذني بالقراءة وتعلم الأدب وقد تعلقت من ذلك بما أتميز به فقال لي هل تنظم شيئا قلت نعم وقد ألجأني الدهر إلى أن أرتزق به فقال يا ولدي إنه بئسما يرتزق به ونعم ما يتحلى به إذا كان على غير هذا الوجه وقد قال رسول الله " إن من الشعر لحكمة " ولكن تحل الميتة عند الضرورة فأنشدني أصلحك الله تعالى مما على ذكرك من شعرك قال فطلبت بخاطري شيئا أقابله به مما يوافق حاله فما وقع لي إلا فيما لا يوافقه من مجون ووصف خمر وما أشبه ذلك فأطرقت قليلا فقال لعلك تنظم فقلت لا ولكن أفكر فيما أقابلك به فقولي أكثره فيما حملني عليه الصبا والسخف وهو لائق تفير مجلسك فقال يا بني ولا هذا كله إنا لا نبلغ من تقوى الله إلى حد نخرج به عن السلف الصالح وإذا صح عندنا أن عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله ومفسر كتاب الله تعالى ينشد مثل قول القائل .
( إن يصدق الطير ننك لميسا ... )