ومل الركب رسيمه وذميله وأخذ كل منا يرتاد مقيله اتفقنا على أن لا نطعم طعاما ولا نذوق مناما حتى نقول في صورة تلك الحال وذلك الترحال ما حضر وشاء الله أن أجبل ابن وهبون واعتذر وأخذت عفو خاطري فقلت أتربص به وأعرض بعظم لحيته .
( ألا قل للمريض القلب مهلا ... فإن السيف قد ضمن الشقاء ) .
( ولم أر كالنفاق شكاه حر ... ولا كدم الوريد له دواء ) .
( وقد دحي النجيع هناك أرضا ... وقد سمك العجاج به سماء ) .
( وديس به انحطاطا بطن واد ... مذ اعشب شعر لحيته ضراء ) .
وقال ابن خفاجة أيضا حضرت يوما مع أصحاب لي ومعهم صبي متهم في نفسه واتفق أنهم تحاوروا في تفضيل الرمان على العنب فانبرى ذلك الصبي فأفرط في تفضيل العنب فقلت بديها أعبث به .
( صلني لك الخير برمانة ... لم تنتقل عن كرم العهد ) .
( لا عنبا أمتص عنقوده ... ثديا كأني بعد في المهد ) .
( وهل يرى بينهما نسبة ... من عدل الخصبة بالنهد ) فخجل خجلا شديدا وانصرف .
قال وخرجت يوما بشاطبة إلى باب السمارين ابتغاء الفرجة على خرير ذلك الماء بتلك الساقية وذلك سنة 480 وإذا بالفقيه أبي عمران بن أبي تليد C تعالى قد سبقني إلى ذلك فألفيته جالسا على دكان كانت هناك مبنية لهذا الشأن فسلمت عليه وجلست إليه مستأنسا به فجرى أثناء ما تناشدناه ذكر قول ابن رشيق .
( يا من يمر ولا تمر ... به القلوب من الفرق ) .
( بعمامة من خده ... أو خده منها استرق ) .
( فكأنه وكأنها ... قمر تعمم بالشفق ) .
( فإذا بدا وإذا انثنى ... وإذا شدا وإذا نطق ) .
( شغل الخواطر والجوا نح ... والمسامع والحدق ) .
فقلت وقد أعجب بها جدا وأثنى عليها كثيرا أحسن ما في القطعة سياقة الأعداد وإلا فأنت تراه قد استرسل فلم يقابل بين ألفاظ البيت الأخير والبيت الذي قبله فينزل بإزاء كل واحدة منها ما يلائمها وهل ينزل بإزاء قوله ( ( وإذا نطق ) ) قوله ( ( شغل الحدق ) ) وكأنه نازعني القول في هذا غاية الجهد فقلت بديها .
( ومهفهف طاوي الحشا ... خنث المعاطف والنظر ) .
( ملأ العيون بصورة ... تليت محاسنها سور ) .
( فإذا رنا وإذا مشى ... وإذا شدا وإذا سفر ) .
( فضح الغزالة والغمامة ... والحمامة والقمر ) .
فجن بها استحسانا انتهى قال ابن ظافر والقطعة القافية ليست لابن رشيق بل هي لأبي الحسين علي بن بشر الكاتب أحد شعراء اليتيمة وكان بين السميسر الشاعر وبين بعض رؤساء المرية واقع لمدح