عثمان المصحفي قال دخلت يوما على أبي عامر ابن شهيد وقد ابتدأت علته التي مات بها فأنس بي وجرى الحديث إلى أن شكوت له تجني بعض أصحابي علي ونفاره عني فقال لي سأسعى في إصلاح ذات البين فخرجت عنه واتفق لقائي لذلك المتجني علي مع بعض أصحابي وأعزهم علي فلما رآني ذلك الصديق موليا عنه أنكر عليه وسأله عن السبب الموجب فأخبره وزادا في مشيهما حتى لحقا بي وعزم علي في مكالمة صاحبي وتعاتبنا عتابا أرق من الهواء وأشهى من الماء على الظماء حتى جئنا دار أبي عامر فلما رآنا جميعا ضحك وقال من كان الذي تولى إصلاح ما كنا سررنا بفساده قلنا قد كان ما كان فأطرق قليلا ثم أنشد .
( من لا أسمي ولا أبوح به ... أصلح بيني وبين من أهوى ) .
( أرسلت من كابد الهوى فدرى ... كيف يداوي مواقع البلوى ) .
ولي حقوق في الحب ثابتة لكن إلفي يعدها دعوى وقد ذكرنا في هذا الكتاب من غرائب أبي عامر بن شهيد في مواضع متفرقة الغرائب وقدمنا في الباب الرابع حكايته مع المرأة الداخلة في رمضان لجامع قرطبة وحكيناها هناك بلفظ ( المطمح ) فلتراجع .
وعبر ابن ظافر عن معناها بقوله إن أبا عامر كان مع جماعة من أصحابه بجامع قرطبة في ليلة السابع والعشرين من رمضان فمرت امرأة به من بنات أجلاء قرطبة قد كملت حسنا وظرفا ومعها طفل يتبعها كالظبية تستتبع خشفا وقد حفت بها الجواري كالبدر حف بالدراري فحين رأت تلك الجماعة المعروفة بالخلاعة وقد رمقوا ذلك الظبي بعيون أسود رأت فريسة