مخفي المحبة حتى أعلن بسره وحين انتهيت إلى آخرها فاض دمعه ولم يمكنه دفعه فمد يده مستدعيا للورقة فناولتها إلى يد الصاحب فناولها له وعند حصولها في يده قام من غير إشعار لأحد بما دار من إرادة القيام في خلده سترا لما ظهر عليه من الرقة على الموالي الأولاد وكتما لما عليه من الوجد بهم والمحبة لهم وانفض المجلس .
وإنما حمل الصاحب على هذا الفعل الذي غرر بي فيه وخاطر بي بالتعريض له أشياء كان يقترحها علي فأنفذ فيها من بين يديه ويخف الأمر منها علي لدالتي عليه منها أنني كنت في خدمته سنة 599 بدمشق فورد عليه كتاب من الملك المنصور محمد ابن الملك المظفر تقي الدين صاحب حماة وقد بعث صحبته نسخة من ديوان شعره فتشاغل بتسويد جواب كتابه فلما كتب بعضه التفت إلي وقال اصنع أبياتا أكتبها إليه في صدر الجواب واذكر فيها شعره فقلت له على مثل هذه الحال فقال نعم فقلت بقدر ما أنجز بقية النسخة .
( أيا ملكا قد أوسع الناس نائلا ... وأغرقهم بذلا وعمهم عدلا ) .
( فديناك هب للناس فضلا يزينهم ... فقد حزت دون الناس كلهم الفضلا ) .
( ودونك فامنحهم من العلم والحجى ... كما منحتهم كفك الجود والبذلا ) .
( إذا حزت أوفى الفضل عفوا فما الذي ... تركت لمن كان القريض له شغلا ) .
( وماذا عسى من ظل بالشعر قاصدا ... لبابك أن يأتي به جل أو قلا ) .
( فلا زلت في عز يدوم ورفعة ... تحوز ثناء يملأ الوعر والسهلا ) .
ووقع لابن ظافر أيضا من هذا النمط أنه دخل في أصحاب له يعودون صاحبا لهم وبين يديه بركة قد راق ماؤها وصحت سماؤها وقد رص تحت دساتيرها نارنج فتن قلوب الحضار وملأ بالمحاسن عيون النظار فكأنما