( وأغيد طاف بالكؤوس ضحى ... وحثها والصباح قد وضحا ) .
( والروض أهدى لنا شقائقه ... وآسه العنبري قد نفحا ) .
( قلنا وأين الأقاح قال لنا ... أودعته ثغر من سقى القدحا ) .
( فظل ساقي المدام يجحد ما ... قال فلما تبسم افتضحا ) .
وقال .
( أديراها على الروض المندى ... وحكم الصبح في الظلماء ماضي ) .
( وكأس الراح تنظر عن حباب ... ينوب لنا عن الحدق المراض ) .
( وما غربت نجوم الأفق لكن ... نقلن من السماء إلى الرياض ) وقال .
( ورياض من الشقائق أضحت ... يتهادى بها نسيم الرياح ) .
( زرتها والغمام يجلد منها ... زهرات تروق لون الراح ) .
( قلت ما ذنبها فقال مجيبا ... سرقت حمرة الخدود الملاح ) .
فانظر كيف زاحم بهذا الاختيال المخترعين وكيف سابق بهذا اللفظ المبتدعين وهل منكم من برع في أوصاف الرياض والمياه وما يتعلق بذلك فانتهى إلى راية السباق وفضح كل من طمع بعده في اللحاق وهو أبو إسحاق ابن خفاجة القائل .
( وعشي أنس أضجعتنا نشوة ... فيها يمهد مضجعي ويدمث ) .
( خلعت علي بها الأراكة ظلها ... والغصن يصغي والحمام يحدث ) .
( والشمس تجنح للغروب مريضة ... والرعد يرقي والغمامة تنفث ) .
والقائل .
( لله نهر سال في بطحاء ... أشهى ورودا من لمى الحسناء ) .
( متعطف مثل السوار كأنه ... والزهر يكنفه مجر سماء ) .
( قد رق حتى ظن قرصا مفرغا ... من فضة في بردة خضراء ) .
( وغدت تحف به الغصون كأنها ... هدب تحف بمقلة زرقاء ) .
( ولطالمها عاطيت فيه مدامة ... صفراء تخضب أيدي الندماء ) .
( والريح تعبث بالغصون وقد جرى ... ذهب الأصيل على لجين الماء ) .
والقائل .
( حث المدامة والنسيم عليل ... والظل خفاق الرواق ظليل ) .
( والروض مهتز المعاطف نعمة ... نشوان تعطفه الصبا فيميل ) .
( ريان فضضه الندى ثم انجلى ... عنه فذهب صفحتيه أصيل ) والقائل .
( أذن الغمام بديمة وعقار ... فامزج لجينا منهما بنضار ) .
( واربع على حكم الربيع بأجرع ... هزج الندامى مفصح الأطيار ) .
( متقسم الألحاظ بين محاسن ... من ردف رابية وخصر قرار ) .
( نثرت بحجر الروض فيه يد الصبا ... درر الندى ودراهم الأنوار ) .
( وهفت بتغريد هنالك أيكة ... خفاقة بمهب ريح عرار ) .
( هزت له أعطافها ولربما ... خلعت عليه ملاءة النوار )