( ترى ما تراه العين في جنباتها ... من الوحش حتى بينهن السلاحف ) .
فاستغربت له يومئذ تلك البديهة في مثل ذلك الموضع وكتبها المنصور بخطه وكان إلى ناحيته من تلك السقائف سفينة فيها جارية من النوار تجذف بمجاذيف من ذهب لم يرها صاعد فقال له المنصور أحسنت إلا أنك أغفلت ذكر المركب والجارية فقال للوقت .
( وأعجب منها غادة في سفينة ... مكللة تصبو إليها المهاتف ) .
( إذا راعها موج من الماء تتقي ... بسكانها ما أنذرته العواصف ) .
( متى كانت الحسناء ربان مركب ... تصرف في يمنى يديه المجاذف ) .
( ولم تر عيني في البلاد حديقة ... تنقلها في الراحتين الوصائف ) .
( ولا غرو أن شاقت معاليك روضة ... وشتها أزاهير الربى والزخارف ) .
( فأنت امرؤ لو رمت نقل متالع ... ورضوى ذرتها من سطاك نواسف ) .
( إذا قلت قولا أو بدهت بديهة ... فكلني له إني لمجدك واصف ) .
فأمر له المنصور بألف دينار ومائة ثوب ورتب له في كل شهر ثلاثين دينارا وألحقه بالندماء قال وكان شديد البديهة في ادعاء الباطل قال له المنصور يوما ما الخنبشار فقال حشيشة يعقد بها اللبن ببادية الأعراب وفي ذلك يقول شاعرهم .
( لقد عقدت محبتها بقلبي ... كما عقد الحليب بخنبشار