بيد اكتساب فسبحان من يرزق من يشاء بغير حساب فصول أحلى في الأفواه من الشهد وأشهى إلى النواظر من النوم بعد السهد سبك أدبها في قالب النكت الحسان وذهب بمحامد عبد الحميد ومحاسن حسان فما أحقها أن تسمى فصول الربيع وأصول البديع لا زال حسنها يملأ الأوراق بما راق ويزين الآفاق بما فاق ولا برحت حدائق براعته نزهة للأحداق وحقائق بلاغته في جيد الإجازة بمنزلة الأطواق بمن الله تعالى وكرمه انتهى .
وحيث جرى ذكر كتاب نسيم الصبا فلا بأس أن نذكر تقاريظ العلماء له فمن ذلك قول القاضي شرف الدين بن ريان وقفت على هذا الكتاب الذي أبدع فيه مؤلفه ونظم فيه الجواهر النفيسة مصنفه وأينعت حدائق أدبه فدنا ثمرها لمن يقطفه وعرفت مقدار ما فيه من الإنشاء وأين من يعرفه فوجدته ألطف من اسمه وأحسن من الدرر في نظمه وأطيب من الورد عند شمه هبت على رياض فصوله نسيم صباها ففاقت الأزهار في رباها وتشوقت قلوب الأدباء إلى انتشاق شذاها وطيب رياها وفاضت عليه أنوار البدر فأغنى سناها عن الشمس وضحاها وتحلت نحور البلغاء من كلامه بالدر اليتيم ومن معانيه بالعقد النظيم وترنحت أفنان فنون الفصاحة لما هب عليها ذلك النسيم كل فصل له في الفضل أسلوب على بابه وطريق انفرد به منشئه محاسن لا توجد إلا في كتابه صدر هذا الكتاب عن علم سابق وفكر ثاقب وذهن رائق ونفس صادق وروية ملأت تصانيفها المغارب والمشارق وقريحة إذا ذقت جناها وشمت سناها تذكرت ما بين العذيب وبارق فالله تعالى يبقي مصنفه قبلة لأهل الأدب ويديمه ويبلغه من سعادة الدنيا والآخرة ما يرومه بمنه وكرمه انتهى .
وقرظ عليه بعضهم بقوله وقف المملوك سليمان بن داود المصري على فصول الحكم من هذه الفصول ووجد من نسيم الصبا أمارات القبول ونزه طرفه في رياض هذا الكتاب وخاطب فكره العقيم في وصفه فعجز عن