على هذا صنما وتلوا ذلك كتابا محكما وأخبارهم الباهرة وأشعارهم السائرة مرمى القصية ومناخ الرذية لا يعمر بها جنان ولا خلد ولا يصرف فيها لسان ولا يد فغاظني منهم ذلك وأنفت مما هنالك وأخذت نفسي بجمع ما وجدت من حسنات دهري وتتبع محاسن أهل بلدي وعصري غيرة لهذا الأفق الغريب أن تعود بدوره أهلة وتصبح بحوره ثمادا مضمحلة مع كثرة أدبائه ووفور علمائه وقديما ضيعوا العلم وأهله ورب محسن مات إحسانه قبله وليت شعري من قصر العلم على بعض الزمان وخص أهل المشرق بالإحسان وقد كتبت لأرباب هذا الشان من أهل الوقت والزمان محاسن تبهر الألباب وتسحر الشعراء والكتاب ولم أعرض لشيء من أشعار الدولة المروانية ولا المدائح العامرية إذ كان ابن فرج الجياني قد رأى رأيي في النصفة وذهب مذهبي من الأنفة فأملى في محاسن أهل زمانه كتاب الحدائق معارضا لكتاب الزهرة للأصبهاني فأضربت أنا عما ألف ولم أعرض لشيء مما صنف ولا تعديت أهل عصري مما شاهدته بعمري أو لحقه أهل دهري إذ كل مردد ثقيل وكل متكرر مملول وقد مجت الأسماع .
( يا دار مية بالعلياء فالسند ... ) .
إلى أن قال بعد ذكره أنه يسوق جملة من المشارقة مثل الشريف المرتضى والقاضي عبد الوهاب والوزير ابن المغربي وغيرهم ممن يطول ما صورته وإنما ذكرت هؤلاء ائتساء بأبي منصور في تأليفه المشهور المترجم بيتيمة الدهر في محاسن أهل العصر انتهى المقصود منه