إني لتعروني لذكراك هزة كما انتفض العصفور بلله القطر ولو ملكت مرادي لما اخضر إلا في ذراه مرادي بل لو دار الفلك على اختياري لما نضوت إلا عنده ليلي ونهاري [ .
( لو نعطى الخيار لما افترقنا ... ولكن لا خيار مع الزمان ) .
( وتحت ضلوعي لوعة لو كتمتها ... لخفت على الأحشاء أن تتضرما ) .
( ولو بحت في كتبي بما في جوانحي ... لأنطقتها نارا وأبكيتها دما ) وأنا لا أقترح على الدهر إلا لقياه ولا أقطع حاضر الوقت إلا بذكراه وما عدا أيامي التي سعدت فيها بلقائه إلا مفاتح السرور ومطالع السعود والحبور ولست أعيبها إلا بقلة البقاء وسرعة الانقضاء وكذلك عمر السرور قصير والدهر بتفريق الأحبة بصير وربما اهتز العود بعد الذبول وطلع النجم بعد الأفول وأديل الوصال من الفراق وعاد العيش المر حلو المذاق [ بحر .
( وما أنا من أن يجمع الله شملنا ... كأحسن ما كنا عليه بآيس ) فأما الآن فلا أزجي الوقت إلا بقلب شديد الاضطراب وجوانح لا تفيق من التوقد والالتهاب وكيف لا وحالي حال من ودع صفو الحياة يوم وداعه وانقطع عنه الأنس ساعة انقطاعه وطوى الشوق جوانحه على غليل وحل أضلاعه على كمد دخيل وأغرى بي فلزمني ولزمته وألف بيني وبين الوجد فألفني وألفته فلا أسلك للعزاء طريقا إلا وجدته مسدودا ولا أقصد للصبر بابا إلا ألفيته مردودا ولا أعد اليوم بعد فراق سيدي إلا شهرا والشهر دون لقائه إلا دهرا ولست بناس أيامنا التي هي تاريخ زماني وعنوان الأماني إذ ماء الاجتماع عذب وغصن الازدياد رطب وأعين الحواسد راقدة