4589 - هذِهِ بِتْلكَ وَالبَادِى أظْلَمُ .
قَالَوا : إن أول مَنْ قَالَ ذلك الفرزدق وذلك أنه كان ذاتَ يوم جالسا في نادي قومه ينشدهم إذ مر به جرير بن الخَطَفى على راحلة وهو لاَ يعرفه فَقَالَ الفرزدق : من ذلك الرجل ؟ فَقَالَوا : جرير ابن الخَطَفَى فَقَالَ [ ص 402 ] لفَتىً : ائتِ أبا حَزْرة فقل له : إن الفرزدق يقول : .
ما في حِرِامَّكَ إسْكة معروفةٌ ... للناظرين وماله شَفَتَانِ .
قَالَ : فلحقه الفتى فأنشده بيت الفرزدق فَقَالَ جرير : ارجع إليه فقل له : .
لكِنْ حِرَامِّكَ ذو شِفَاةٍ جَمَّةٍ ... مخضرة كَغَبَاغِبِ الثيران .
( الغباغب : جمع غبغب وهو اللحم المتدلى تحت الحنك وهو الغبب أيضاً ) .
قَالَ فرجع الفتى فأنشده بيت جرير فضحك الفرزدق ثم قَالَ : هذه بتلك والبادي أظلم والجالبُ للباء في قوله " بتلك " معنى الاَستحقاق أي هذه المقَالَة مستحقة أو مجلوبة بتلك المقَالَة ويجوز أن تسمى باء البدل كما يُقَال : هذا بذاك أي بَدَله وقوله " والباَدي أظلم " جعله أظلم لأنه سببُ الاَبتداء والجزاء ويجوز أن يكون أفعل بمعنى فاعل كما قَالَ .
( قائله الفرزدق وصدره قوله : إن الذي سمك السماء بنى لنا " ) .
بيتاً دَعَائمه أعَزُّ وأطوَلُ .
أي عزيزة طويلة