1754 - أَزْكَنُ مِنْ إِياَسٍ .
هو إياسُ بن مُعَاوية بن قُرَّة المُزَني كان قاضياً فائقاً زَكِنا تولى قضاء البصرة سنةً لعمر بن عبد العزيز رحمه اللّه تعالى .
فمن نوادر زَكَنه أنه سمع نُبَاح كلب لم يَرَه فقال : هذا نُبَاح كلب مربوط على شَفِير بئر فنَظَروا فكان كما قال فقيل له في ذلك فقال : سمعت عند نُبَاحه دَوِيّاً من مكان واحد ثم سمعت بعده صَدىً يُجيبه فعلمت أنه عند بئر .
ومن نوادر زكَنِه أيضاً أنه رأى أثر اعتلاف بعير فقال : هذا بعير أعْوَر فنظروا فكان كما قال فقيل له : من أين قلت ذاك ؟ فقال : لأني وَجَدْت اعتلافَه من جهة واحدة .
قالوا : ومن نوادر زكَنِهِ أنه رأى قوما يأكلون تمراً ويلقون النوى متفرقا فرأى الذباب يجتمعن في موضع من التمر ولا يقربن موضعاً آخر فقال إياس : إن في هذا الموضع حية فنظروا فوجَدُوا الأمر كما قال فقيل له : من أين علمت ؟ قال : رأيت الذبابَ لا يقربْنَ هذا الموضع فقلت : يَجِدن ريحَ سمّ فقالت حية .
ونظر إلى ديك يَنْقُر ولا يقرقر فقال هذا هَرِم لأن الشاب إذا وجَد حبّاً نقره وقرقر لتجمع الدجاج إليه .
ورأى جاريةً في المسجد وعلى يدها طَبَق مُغَطًّى بمنديل فقال : معها جَرَاد . فكان كما قال فسئل فقال : رأيته خفيفاً على يدها . [ ص 326 ] .
ومن نوادر زكَنِه أن رجلين احتكَمَا إليه في مالٍ فجَحَد المطلوبُ إليه المالَ فقال للطالب : أين دفعت إليه المالَ فقال : عند شجرة في مكان كذا قال : فانطلق إلى هذا الموضع لعلك تتذكر كيف كان أمر هذا المال ولعل اللّه يوضح لك سبباً فمضى الرجلُ وحَبَس خصمه فقال إياس بعد ساعة : أترى خصمَكَ قد بلغ موضع الشجرة ؟ قال : لا بعد [ ساعة ] قال : قم يا عَدُوَّ اللّه أنت خائن قال : فأقِلْنِي أقالك اللّه فاحتفظ به حتى أقرَّ وردَّ المال .
قال حمزة : ونوادر إياس كثيرة قد كتب المدايني عليه كتاباً وسماه " كتاب زَكَن إياس " .
ويقال : مات مُعَاوية بن قُرَّة أبو إياس وهو ابن ست وسبعين سنة فقال إياس في العام الذي مات فيه أبوه : رأيتُ في المنام كأني وأبي على فرسَيْن فجَرَياً جميعاً فلم أسبقه ولم يسبقني فعاش إياس أيضاً ستا وسبعين سنة .
وذكر بعض الشعراء ( هو أبو تمام خبيب بن أوس الطائي ) إياسا في شعْره فلم يستقم له أن يذكره بالزكَن فوضع مكانه الذكاء فقال : .
إقْدَامُ عَمْروفي سَمَاحِة حاتمٍ ... في حِلْم أحْنَفَ في ذَكَاءِ إ يَاسِ